واعترف البيهقيّ بأنه ليس في المسألة حديث صحيح من الطرفين، والأصح صحة الجنائز بعد الفرض، لشبه صلاة الجنازة بالنفل في جواز الترك، وتعينها عند انفراد المكلف عارض، وقد أبيح عند الجمهور بالتيمم الواحد النوافل مع الفريضة، إلاّ أن مالكًا اشترط تقدم الفريضة واتصال النافلة بها. وشذّ شُريك القاضي فقال: لا يصلي بالتيمم الواحد أكثر من صلاة واحدة، فرضًا كانت أو نفلًا، واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب "فإنه يكفيك" أي: ما لم تحدث أو تجد الماء، وحمله الجمهور على الفريضة التي تيمم من أجلها، ويصلي به ما شاء من النوافل، فإذا حضرت فريضة أخرى وجب طلب الماء، فإن لم تجد تيمم.
والتعليق وصله عبد الرزاق ولفظه "يُجزي تيمم واحد ما لم يحدث" وابن أبي شيبة في مصنفه ولفظه "لا ينقض التيمم إلاّ الحدث" وسعيد بن منصور ولفظه "التيمم بمنزلة الوضوء، إذا توضأت فأنت على وضوء حتى تحدث" وهو أصرح في مقصود الباب. والحسن المراد به البصريّ، وقد مرَّ في الرابع والعشرين من كتاب الإيمان.
ثم قال: وأَم ابن عباس وهو متيمم، وأشار المصنف بهذا إلى أن التيمم يقوم مقام الوضوء، ولو كانت الطهارة ضعيفة لما أَم ابن عباس وهو متيمم، من كان متوضئًا، وهذا مذهب مالك والشافعيّ وأبي حنيفة والجمهور، خلافًا للأوزاعيّ. قال: الضعيف طهارته نعم لا تصح ممن تلزمه الإِعادة، كمقيم تيمم لعدم الماء عند الشافعية. والتعليق وصله ابن أبي شيبة والبيهقيّ وغيرهما، وإسناده صحيح، وسيأتي في باب "إذا خاف الجنب" لعمرو بن العاص مثله، وعبدالله بن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي.
ثم قال: وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالصلاة على السَّبْخَة، والتيمم بها. والسبخة، بمهملة وموحدة ثم معجمة مفتوحات: هي الأرض المالحة التي لا تكاد تنبت، وإذا وصفت الأرض قلت: أرض سَبِخة، بكسر الموحدة. وهذا الأثر يتعلق بقوله في الترجمة "الصعيد الطيب" أي أَن المراد بالطيب الطاهر كما