"وقال إنه لا يمنعني أن أرد عليك إلاّ أني كنت على غير طُهر" أي فكره أن يذكر الله على غير طهارة؛ لأن السلام اسم من أسمائه تعالى، لكنه منسوخ بآية الوضوء أو بحديث عائشة "كان عليه الصلاة والسلام يذكر الله على كل أحيانه".
والحديث كما قال النوويّ محمول على أنه كان عادمًا للماء حال التيمم، وهو مقتضى صنيع البخاري، وقد تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو إرادة ذكر الله؛ لأن لفظ السلام من أسمائه، وما أريد به استباحة الصلاة، وأُجيب بأنه لما تيمم في الحضر لرد السلام، مع جوازه بدون الطهارة، فمن خشي فوت الصلاة في الحضر جاز له التيمم، بالأَوْلى لعدم جواز الصلاة بغير طهارة مع القدرة، وقيل: يحتمل أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يرد بذلك رفع الحدث، ولا استباحة محظور، وإنما أراد التشبه بالمتطهرين، كما شرع الإِمساك في رمضان لما يباح له الفطر، أو قصد تخفيف الحدث بالتيمم، كما يشرع تخفيف حدث الجنب بالوضوء، كما مرَّ.
واستدل به ابن بطال على جواز التيمم بالحجر؛ لأن حيطان المدينة مبنية بحجارة سود، وأجيب بأن الغالب وجود الغبار على الجدار، لاسيما وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام حتّ الجدار بالعصا، ثم تيمم كما في رواية الشافعيّ المارة، فيحمل المطلق على المقيد، لكن يرد هذا الجواب تفرد الشافعيّ بتلك الزيادة، وعلوق الغبار في الحجارة قليل لا يحصل منه ما يتيمم به، ويأتي في الذي بعده الكلام على مسح الذراعين.
رجاله سبعة، وفيه ذكر ميمونة.
الأول: يحيى بن بكر.
والثاني: الليث بن سعد. وقد مرا في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ الأعرج عبد الرحمن بن هُرْمُز في السابع من كتاب الإِيمان، ومرت ميمونة في الثامن والخمسين من كتاب العلم.
الرابع: جعفر بن الربيع بن شُرَحبيل بن حَسَنة الكنديّ، أبو شرحبيل