قال: تربة كل مكان ما فيه من تراب أو غيره. وأجيب بأنه ورد في الحديث المذكور بلفظ التراب أخرجه ابن خزيمة وغيره. وفي حديث عليّ "وجعل التراب لي طَهورًا" أخرجه أحمد والبيهقي بإسناد حسن، ويقوي القول بأنه خاص بالتراب أن الحديث سيق لإِظهار التشريف والتخصيص، فلو كان جائزًا بغير التراب لما اقتصر عليه.

قلت: الظاهر عندي أن ما أجيب به كله لا جواب فيه، أما الجواب بأن التربة وردت في الحديث بلفظ التراب، فهو دال على ترادف لفظ التربة والتراب، وهو الذي في القاموس وغيره من كتب العربية، فما قيل في التربة يقال في التراب. وما ذكر في الاستدلال بتفرقة اللفظين يقال فيه إن التعبير باللفظين إنما هو تفنن في العبارة، فإن التراب هي الأرض، ولذلك اقتصر على الأرض في حديث الباب وحديث أبي أُمامة، ومن أين لنا بأن الأرض والتراب متغايران لغة؟ وقد قال الله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} [الروم: 20] وقال في آية أخرى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] برجوع الضمير إلى الأرض، وما ذلك إلاَّ لترادفهما. وقد قال كثير من المفسرين إن المرادَ أصلكم آدم، ومعلوم أن آدم خلق من جميع أجزاء الأرض كما هو منصوص، وكتب العربية يجعلون التراب هي الأرض، وعموم ذكر الأرض في حديث الباب مخصوص بما نهى الشارع عن الصلاة فيه، ففي حديث أبي سعيد الخدريّ مرفوعًا "الأرض كلها مسجد إلاّ المقبرة والحمام" رواه أبو داود وقال الترمذيّ: حديث فيه اضطراب، ولذا ضعفه غيره.

وفي حديث ابن عمر عند التِّرمذيّ وابن ماجه "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصلى في سبعة مواطن: في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإِبل، وفوق ظهر بيت الله الحرام" قال الترمذيّ: إسناده ليس بالقوي، وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قَبل حفظه. قلت: ولأجل الكلام في الحديثين المذكورين حمل مالك النهي في المسائل المذكورة على كراهة التنزيه في قول ضعيف عنده، والمشهور منه التفصيل في المسائل المذكورة، فتكره في معطن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015