يسير مثل القَرْصة بطرف الإصبعين. وقال ابن قُتيبة: "قُرْضَة" بفتح القاف وبالضاد المعجمة.
وقوله: "من مَسْك" بفتح الميم، والمراد قطعة من جلد، واحتج ابن قُتيبة بأنهم كانوا في ضيق يمتنع معه أن يمتهنوا المِسْك، مع غلاء ثمنه. وتبعه ابن بطال. وفي "المشارق": أكثر الروايات بفتح الميم.
ورجح النووي الكسر، وقال: إن الرواية الأخرى، وهي قوله: "فِرصة مُمَسَّكة" تدُلُّ عليه. وفيه نظر؛ لأن الخطابي قال: يُحتمل أن يكون المراد بقوله: "ممْسَكة" أي: مأخوذة باليد، يُقال: أمسكتُه ومَسَكْتُه لكن يبقى الكلام ظاهر الرِّكّة؛ لأنه يصير هكذا: خُذي قطعة مأخوذة.
وقال الكِرْماني: صنيع البخاري يُشعر بأن الرواية عنده بفتح الميم، حيث جَعَل للأمر بالطيب بابًا مستقلًّا، لكن اقتصارَ البُخاري في الترجمة على بعض ما دلَّت عليه لا يَدُلُّ على نفي ما عداه.
ويُقَوي رواية الكسر، وأن المراد التطيُّب، ما في رواية عبد الرزاق، حيث وقع عنده: "من زريرة".
وما استبعده ابن قُتيبة من امتِهان المسك ليس ببعيد، لما عُرِف من شأن أهل الحِجاز من كثرة استعمال الطّيب. وقد يكونُ المأمور به مَن يقدِرُ عليه.
قال النووي: المقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة على الصحيح. وقيل: لكونه أسرع إلى الحَبَل، حكاه الماوَرْدي، قال: فعلى الأول، إن فَقَدَتِ المسكَ، استعملت ما يخلُطُه في طيب الريح، وعلى الثاني ما يقوم مقامه في إسراع العُلوق. وضعَّفَ النووي الثاني، وقال: لو كان صحيحًا لاختَصَّت به المتزوِّجة، واطلاق الأحاديث يرُدُّه.
والصواب أنَّ ذلك مستحبٌّ لكل مغتسِلة من حَيْض أو نِفاس، ويُكره تركه للقادرة، فإن لم تجد مسكًا فطيبًا، فإن لم تجد فمُزيلًا كالطين، وإلا فالماء كافٍ.