بأن في حديث شعبة: "فخَشُوا على عينيها"، وفي رواية ابن مَنْده: "رمِدت رَمدًا شديدًا، وقد خشيت على بصرها"، وفي رواية الطبراني أنها قالت في المرة الثانية: "إنها تشتكي عينها فوق ما يظن، فقال: لا"، وفي رواية القاسم بن أصبغ أخرجها ابن حَزْم: "إني أخشى أن تَنْفَقِىء عينُها. قال: لا، وإن انْفَقَأَت" وسنده صحيح.
وقوله: "ولا تَلْبَس ثوبًا مصبوغًا إلا ثوب عَصْب" بفتح العين وسكون الصاد المهملتين، ثم موحدة، بالإضافة، وهي برود اليمن، يُعْصَب غَزْلُها، أي: يُربط، ثم يُصبغ، ثم يُنسج معصوبًا، فيخرج موش، لبقاء ما عُصب أبيض لم ينصَبِغ، وإنما يُعصب السُّدَى دون اللُّحْمة.
وقال صاحب "المنتهى": العَصْب هو المفتول في برود اليمن، وذكر أبو موسى المدني أنه من دابة بحرية تُسمى فرس فرعون، يُتَّخذ منها الخَرَز وغيره، ويكون أبيض، وهذا غريب. وأغرب منه قول السُّهَيْلي: إنه نبات لا ينبُتُ إلا باليمن. وأغرب منه قول الداوودي: المراد بالثَّوْبِ العَصْب: الخَضِرة، وهي الحَبِرة. وليس له سلف في أن العَصْب الأَخْضر.
وكره عُروة العَصْب، وكره مالك غليظه، وقال النووي: الأصح عند أصحابنا تحريمه مطلقًا. وهذا الحديث حجة لمن أجازه.
قال ابن المُنذر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للحادّة لُبس الثياب المُعَصْفَرة، ولا المصبغة، إلا ما صُبغ بسواد، فرخَّص فيه مالك والشافعي، لكونه لا يُتَّخَذ للزينة، بل هو من لباس الحزن. ويُشترط عند المالكية في لبسها للسواد أن لا تكون ناصعة البياض، أو من قوم زينتهم السواد.
وقال ابن دقيق العيد: أُخِذَ من مفهوم الحديث جوازُ ما ليس بمصبوغ، وهي الثياب البيض. ومنع بعض المالكية المرتفع منها الذي يُتَزيَّن به. وقال النووي: رخَّص بعض أصحابنا فيما لا يُتزين به ولو مصبوغًا.
واختُلِفَ في الحرير، فعند الشافعية: الأصح منعه مطلقًا، مصبوغًا أو غير