وأنكر ابن الجَوْزي أن تكون زوجة من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت مستحاضة في زمنه، وقال: إن عائشة أرادت بقولها: "من نسائه" أي: من النساء المتعلقة به، وهي: أُم حبيبة بنت جَحْش.
وهذا التأويل مردودٌ بقولها في الرواية الثانية: "امرأة من أزواجه"، وفي الرواية الثالثة: "بعض أمهات المؤمنين". ومن المستبعد أن تعتِكف معه -صلى الله عليه وسلم- امرأةً من غير زوجاته، وإن كانت لها به تعلق.
والذي اسْتُحيض من الصحابيات في زمنه عليه الصلاة والسلام غير ما ذُكرَ من أمهات المؤمنين: فاطمة بنت أبي حُبَيْش المذكورة في حديث البخاري، وأُم حَبيبة بنت جَحْش المذكورة فيه أيضًا، وحَمْنَة بنت جَحْش، وأسماء بنت عُمَيْس، وسهلة بنت سُهَيْل، ذكر الثلاثة أبو داود في "سننه". وأسماء بنت مَرْثَد، ذكرها البيهقي وغيره. وبادية بنت غَيْلان، ذكرها ابن مَنْده. وذكر البيهقي والإِسماعيلي أن زينب بنت أم سلمة استُحيضت في زمنه عليه الصلاة والسلام، ولا يَصِحُّ؛ لأنها كانت صغيرة في زمنه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه دخل على أمها في السنة الثالثة وهي تُرْضِع.
وقوله: "من الدم" أجلية، أي: لأجل الدم.
وقوله: "وزعم عكرمة" هو معطوف على معنى العنعنة، أي: حدثني عكرمة بكذا، وزعم كذا. وأبعد من زعم أنه معلق.
وقوله: "كأن هذا" أي: بالهمز وتشديد النون.
وفي الحديث جواز مُكثْ المستحاضة في المسجد، وصحة اعتكافها وصلاتها، وجواز حدثِها في المسجد عند أمن التلويث، ويَلْتَحِق بها دائم الحدث، ومن به جُرْحٌ يسيل.
الأول: إسحاق بن شاهين -بكسر الهاء- ابن الحارث الواسطي أبو بِشْر -بكسر الباء-.