وقوله: "فذلك من نُقصان دينها" أي: بكسر الكاف وفتحها كالسابق.
قيل: وهذا العموم فيهِنَّ يعارِضه حديث: "كمُلَ من الرجال كثيرٌ، ولم يكمُلْ من النساء إلا: مريمُ ابنة عمران، وآسيةُ بنت مُزاحم". وفي رواية الترمذي وأحمد: "أربع: مريمُ ابنة عمران، وآسية امرأة فِرْعَون، وخديجة بنت خُوَيْلِد، وفاطمة بنت محمد".
وأجيب بأن الحكم على الكل بشيء لا يستلزِم الحكم على كل فرد من أفراده بذلك الشيء، وليس المقصود بذكر النقص في النساء لومُهُنَّ على ذلك، لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرٌ من الافتتان بهن، ولهذا رتَّب العذاب على ما ذُكِر من الكفران وغيره لا على النقص، وليس نقص الدين منحصرًا فيما يحصُل به الإثم، بل في أعم من ذلك؛ لأنه أمر نسبي، فالكامل مثلًا ناقض عن الأكمل، ومن ذلك الحائض، لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض، لكنها ناقصة عن المصلّي.
وهل تُثاب على هذا الترك لكونها مكلَّفة به كما يُثاب المريض على النوافل التي كان يصليها في صحته، وشُغِل بالمرض عنها.
قال النووي: الظاهر أنها لا تُثاب، والفرق بينها وبين المريض أنه ينوي أنه يفعل لو كان صحيحًا مع أهليته، وهي ليست بأهل، ولا يمكنها أن تنوي؛ لأنها حرام عليها.
قال في "الفتح": وعندي في كون هذا الفرج مستلزمًا لكونها لا تُثاب وقفة.
قلت: ما قاله هو الظاهر، فإن كونها ليست أهلًا للفِعْل لا يمنعُ من أن تُثاب على نية أنها لو قدرت لفعلت، كما يتمنى الرجل أنه لو كان له مال لَعَمِل فيه ما يعمل فلان في ماله، ويحصُلُ الأجر بذلك كما في الحديث.
وقد مرّ الكلام على باقي مباحث هذا الحديث مستوفى في باب: كفران العشير من كتاب الإِيمان، وباب عظة الإِمام النساء، وفي باب: هل يَجْعَلُ للنساء يومًا؟ من كتاب العلم.