وأجاب في "المصابيح" بالحمل على أن المراد بإرسال الحيض إرسال حكمه، بمعنى أن كون الحيض مانعًا ابتدىء بالإسرائيليات، وحمل الحديث على قضاء الله علي بنات آدم بوجود الحيض، كما هو الظاهر منه.
قلت: هذا الجواب عندي حسن.
أي: الأمر المتعلق بالنُّفساء، والجمع في قوله: "إذا نَفِسْنَ" للجنس، وفي رواية: "إذا نَفِسَ" بتذكير الضمير الراجع للنفساء، باعتبار الشخص، أو لعدم الإلباس، لاختصاص الحيض بالنساء.
وقيل: إن الباء في "بالنفساء" زائدة؛ لأن النفساء مأمورة لا مأمور بها. وفي رواية أبوي ذرٍّ والوقت: باب: الأمر للنساء إذا نَفِسْنَ. وفي أكثر الروايات الباب والترجمة ساقطان.
وترجم بالنفساء إشعارًا بأن ذلك يُطلق على الحائض، لقول عائشة في حديث الباب: "حِضْتُ"، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لها: "أَنَفِسْتِ" وهو بضم النون وفتحها، وكسر الفاء فيهما للحيض والولادة.
وقال الخطابي: أصل هذه الكلمة من النَّفْسِ، وهو الدم، إلا أنهم فرَّقوا بين بناء الفعل من الحيض والنفاس، فقالوا في الحيض: نَفِسَت بفتح النون، وفي الولادة بضمها. وقال الأصمعي: هو بضم النون فيهما .. وقال النووي: الضم في الولادة أكثر من الفتح، والفتح في الحيض أكثر من الضم. وقال الهَرَوي: الضم والفتح في الولادة، وأما الحيض فبالفتح لا غير.