وقد سرد الدِّمياطي في "سيرته" من اطّلع عليه من أزواجه ممن دخل بها أو عقد عليها فقط أو طلقها قبل الدخول أو خطبها ولم يعقد عليها، فبلغت ثلاثين.
وسرد أبو الفتح اليَعْمَري أسماءهن، ومُغْلُطاي، فزدن على العدد الذي ذكره الدمياطي.
قال في "الفتح": والحق أن الكثرة المذكورة محمولة على اختلاف في بعض الأسماء، وبمقتضى ذلك تنقص العدة، ومحل تفصيلهن في كتب السير، والإطلاق السابق في حديث عائشة محمول على المقيد في حديث أنس هذا، حتى يدخل الأول في الترجمة؛ لأن النساء لو كن قليلات ما كان يتعذر الغسل من وطء كل واحدة، بخلاف الإحدى عشرة، إذ تتعذر المباشرة والغُسْل إحدى عشرة مرة في ساعة واحدة في العادة.
وقال ابن المُنير: ليس في حديث دورانه على نسائه دليل على الترجمة، فيُحتمل أنه طاف عليهن، واغتسل في خلال ذلك عن كل فعلة غسلًا، قال: والاحتمال في رواية الليلة أظهر منه في الساعة.
قال في "الفتح" التقييد بالليلة ليس صريحًا في حديث عائشة، وأما حديث أنس، فحيث جاء فيه التصريح بالليلة، قيَّد الاغتسال بالمرة الواحدة، كما وقع في رواية النسائي وابن خُزيمة وابن حِبّان، ووقع التقييد بالغُسل الواحد من غير ذكر الليلة في روايات أخرى لهم ولمسلم، وحيث جاء في حديث أنس التقييد بالساعة، لم يحتج إلى تقييد الغسل بالمرة؛ لأنه يتعذر أو يتعسر.
وفي وطئه عليه الصلاة والسلام للكل في ساعة واحدة أو ليلة، دلالة صريحة على أنه عليه الصلاة والسلام لا يجب عليه القسم، وهو مذهب المالكية، وقول طوائف من أهل العلم، وبه جزم الإصْطَخْرِي من الشافعية، والمشهور عندهم وعند الأكثرين وجوبه، وأولوا هذا الحديث بوجوه.
فقيل: كان ذلك برضى صاحبة النوبة، كما استأذنهن أن يُمرض في بيت عائشة.