يبدأ فيغسِلُ يديه، ثم يُفرِغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجَه" فذكر الحديث. وفيه: "ثم يتنحّى فيغسِل رجليه".
وقوله: "وغسل فرجه" فيه تقديم وتأخير؛ لأن غسل الفرج كان قبل غسل الوضوء إذ الواو لا تقتضي الترتيب، وقد بيَّن ذلك ابن المبارك عن الثوري عند المصنف في باب الستر في الغسل، فذكر أولًا غسل اليدين، ثم غسل الفرج، ثم مسح يده بالحائط، ثم الوضوء غير رجليه. وأتى بـ "ثم" الدالة على الترتيب في جميع ذلك.
وقوله: "وما أصابه من الأذى" أي يغسل ما أصابه من الأذى، كالمني وغيره، فالسُّنَّة البدء بغسل النجاسة، ليقع الغسل على أعضاء طاهرة، ولكن يكفيه لها وللجنابة غسلة واحدة.
وقوله: "هذه غُسله من الجنابة" الإشارة إلى الأفعال المذكورة، أو التقدير: هذه صفة غُسله. وللكُشْمِيهني: "هذا غُسله" وهو ظاهر.
وأشار الإِسماعيلي إلى أن هذه الجملة الأخيرة مُدرجة من قول سالم بن أبي الجعد، وأن زائدة بن قُدامة بيَّن ذلك في روايته عن الأعمش.
واستدل البخاري بهذا الحديث على جواز تفريق الوضوء.
وعلى استحباب الإِفراغ باليمين على الشمال للمُغْتَرف من الماء، لقوله في رواية أبي عَوانة وحفص وغيرهما: "ثم أفرغَ بيمينه على شماله".
وعلى مشروعية المضمضمة والاستنشاق في غُسل الجنابة، لقوله فيها: "ثم تمضمض واستنشق" وتمسك به الحنفية للقول بوجوبهما. وتُعُقِّب بأن الفعل المجرد لا يدُل على الوجوب إلا إذا كان بيانًا لمُجمل تعلَّق به الوجوب، وليس الأمر هنا كذلك. وقال العيني: إن وجوبَهما في الغُسل بالنص في قوله تعالى: {فاطَّهَّروا} فإن معناه: طهِّروا أبدانكم، وهذا يشمل الفم والأنف.
وفيه استحباب مسح اليد بالتراب من الحائط أو الأرض، لقوله في الروايات