النعمان بن بشير الصحيح في صفة الصفِّ في الصلاة: "فرأيتَ الرجلَ منا يلزق كعبه بكعب صاحبه" أخرجه أبو داود والبيهقي بأسانيد جيدة، والبخاري تعليقًا بصيغة الجزم في أبواب تسوية الصفوف.
وقيل: إن محمدًا إنما روى ذلك في حديث قطع المحرِم الخفين إلى الكعبين إذا لم يجد النعلين.
وقد أطلق الغسل في الرجلين هنا، ولم يذكر فيه تثليثاً ولا تثنية كما سبق في بعض الأعضاء، وإشعارًا بأن الوضوء الواحد يكون بعضه بمرة وبعضه بمرتين وبعضه بثلاث، وإن كان الأكمل التثليث في الكل، ففعله بيان للجواز، والبيان بالفعل أوقع في النفوس منه بالقول، وأبعد من التأويل، قد مر الكلام على غسل الرجلين قبل هذا.
وفي هذا الحديث من الفوائد. الإفراغ على اليدين معًا في ابتداء الوضوء.
وفيه مجيء الإمام إلى بيت بعض رعيته، وابتداؤهم إياه بما يظنون أنَّ له به حاجة، وجواز الاستعانة في إحضار الماء من غير كراهة، والتعليم بالفعل، وأن الاغتراف من الماء القليل للتطهر لا يصيِّر الماء مستعملًا، لقوله في رواية وُهَيب وغيره: "ثم أدخل يده فغسل وجهه .. إلخ".
وأما اشتراط نية الاغتراف فليس في هذا الحديث ما يثبتها ولا ما ينفيها.
واستدل به أبو عَوانة في "صحيحه" على جواز التطهر بالماء المستعمل، وتوجيهه أن النية لم تذكر فيه، وقد أدخل يده للاغتراف بعد غسل الوجه، وهو وقت غسلها. وقال الغزالي مجرد الاغتراف لا يصيِّر الماء مستعملًا؛ لأن الاستعمال إنما يقع من المغترف منه، وبهذا قطع البغوي.
واستدلَّ به المصنف على استيعاب مسح الرأس.
الأول: عبد الله بن يوسف.