حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- "أَنَّ رَجُلاً رَأَى كَلْبًا يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ خُفَّهُ فَجَعَلَ يَغْرِفُ لَهُ بِهِ حَتَّى أَرْوَاهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ".
قوله: "إن رجلًا" لم يسمِّ هذا الرجل، وهو من بني إسرائيل.
وقوله: "يأكل الثَّرى" بالمثلثة، أي: يلعق التراب الندي، وفي "المحكم": الثرى التراب. وقيل: التراب الذي إذا بُلَّ لم يصرْ طينًا لازبًا.
وقوله: "من العطش" أي: بسبب العطش.
وقوله: "حتى أرواه" أي: جعله ريّانَ.
وقوله: "فشكر الله له" أي: أثنى عليه، فجزاه على ذلك بأن قبل عمله. وقيل: معنى "فشكر الله له" أي: أظهر ما جازاه به عند ملائكته.
وقوله: "فأدخله الجنة" من باب عطف الخاص على العام، أو الفاء تفسيرية على حد قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 54]، على ما فُسر أن القتل كان نفس توبتهم.
وفي رواية المصنف في كتاب الشرب: "بينما رجلٌ يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهثُ يأكل الثَّرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ مني، فملأ خُفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له". قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرًا؟! قال: "في كلِّ كبد رَطْبةٍ أجر".