- صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر: لم يرو هذا الحديث غير أهل البصرة؛ فقد قال الحاكم: إنهم تفردوا بذلك الأمر فيه من أول الإِسناد إلى آخره، وكذا قال في حديث عبد الله بن زَيْد في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن قوله: "ومسَحَ رأسهُ بماءٍ غير فضل يدهِ" سنة غريبة، تفرد بها أهل البصرة، فإن نسب القائل الحديث لأهل البصرة مريدًا واحدًا منهم، كان ذلك الإِطلاق تجوزًا، وهو داخل في القسم الأول ومنه حديث: "كُلوا البلحَ بالتَّمْر" قال الحاكم: هو من أفراد البصريين عن المدنيين. تفرد به أبو زكريا عن هِشام بن عُروة، فجعله من أفراد البصريين، وأراد واحدًا منهم، وليس في الأفراد النسبية تضعيف لها من حيثية التفرد، لكن إذا قيد القائل التفرد بالثقة كله يرويه ثقة إلا فلان، كان حكمه قريبًا من القسم الأول، لأن رواية غير الثقة كَلَا رواية؛ فينظر فيه هل بلغ مرتبة من يعتبر بحديثه أو لا؟ وفي المتفرد بالحديث، هل بلغ رتبة من يحتج بتفرده أو لا؟ فعلم أن من أنواع القسم الثاني ما يشارك الأول، كإطلاق تفرد أهل بلد بما يكون راويه منها واحدًا، وتفرد ثقة بما يشاركه، في روايته ضعيف، قال ابن دَقيق العيدِ: إذا قيل في حديث تفرد به فلان عن فلان، احتمل أن يكون تفردًا مطلقًا، وأن يكون تفرد به عن هذا المُعَيَّن خاصة، ويكون مرويًا عن غير ذلك المعين فلينتبه لذلك.
وقال ابن حَجَر: إن الغريب والفرد مترادفان لغة واصطلاحًا، إلا أن أهل الحديث غايروا بينهما من جهة كثرة الاستعمال وقلته؛ فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما. أما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون، فيقولون في الفرد النسبي والمطلق: تفرد به فلان، أو أغرب فلان. اعترض الكمال بن أبي شريف كونهما مترادفين لغة بما هو واضح، ثم قال: لما كان الغريب والفرد مترادفين اصطلاحًا، قصد أهل الاصطلاح الإِشعار بالفرق بين الفرد المطلق، والفرد النسبي، وغايروا