وقال الحافظ: فيه بشارة عظيمة لم تقع لغير أهل بدر، واتفقوا على أن هذه البشارة فيما يتعلق بأحكام الآخرة، لا فيما يتعلق بأحكام الدنيا، من إقامة الحدود وغيرها.
الفرقُ بين الترجي بلعل وعسى في كلام الله تعالى.
قلت: فرق السُّهَيْلِيُّ بين الترجي في كلام الله تعالى بـ "بلعل" و"عسى"، فقال: إن الترجي بعسى واجب الوقوع وبلعل ليس كذلك، ونصه عند الكلام على آية {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] في توبة أبي لُبابة في غزوة بني قُرَيْظة.
فإن قيل: إن القرآن نزل بلسان العرب، وليست عسى في كلام العرب بخبر، ولا تقتضي وجوبًا، فكيف تكون واجبةً في القرآن، وليس بخارج عن كلام العرب؟ وأيضًا فإن لعل تعطي معنى الترجي، وليست من الله واجبة، فقد قال: {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، فلم يشكروا وقال: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44]، فلم يتذكر ولم يخش، فما الفرق بين لعل وعسى حتى صارت عسى واجبة؟! قلنا: لعل تعطي الترجي، وذلك الترجي مصروف إلى الخلق، وعسى مثلها في الترجي، وتزيد عليها بالمقاربة، ولذلك قال: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، ومعنى الترجي مع الخبر بالقرب، كأنه قال: قَرُبَ أن يبعثك ربك، فالترجي مصروف إلى العبد كما في لعل، والخبر عن القرب والمقاربة مصروف إلى الله تعالى، وخبره حق، ووعده حَتْمٌ، فما تضمنته من الخبر فهو الواجب، دون الترجي الذي هو محال على الله تعالى، ومصروف إلى العبد، وليس في لعل من تضمن الخبر مثل ما في عسى، فمِن ثَمَّ كانت عسى واجبةَ الوقوع إذا تكلم بها، ولم تكن لعل كذلك.
وهو كلام تُشَدُّ له الرحال، مبين عدم الإطلاق الوارد عن العلماء في كون الترجي في كلام الله تعالى للوقوع، فإنه بين اختصاص ذلك بعسى