عاصروه، ولم يَلْقَوْه، فاشترط لقيهما لحمل العنعنة على السماع، قاله ابن الصلاح. وقال السمعاني: يشترط طول الصحبة بينهما، واشترط أبو عمرو الداني معرفة الراوي المعنعن بالأخذ عمن عنعن عنه. وهذا الشرط موجود في حديث البخاري هذا، لأن سفيان مشهور بصحبة يحيى بن سعيد، والأخذ عنه كما مر في تعريفه.

وقيل: إن السند المعنعن منقطع مطلقًا، وإن لم يكن راويه مدلسًا حتى يظهر الوصل بمجيئه من طريق آخر مصرحًا فيها بالسماع، قال: لأن "عن" لا تشعر بشيء من أنواع التحمل، وقال النَّوَوِيّ:

إن هذا القول مردود بإجماع السلف، وقد أشار العراقي في "ألفيته" إلى هذا بقوله:

وصَحّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ سَلِمْ ... مِنْ دَلْسَةٍ رَاويهِ وَالِّلقا عُلِمْ

وبَعْضُهُم حَكَى بِذا إجْماعا ... وَمُسْلِمٌ لمْ يَشْرُطِ اجْتماعا

لكِنْ تَعَاصُرًا وقِيْلَ يُشْتَرَطْ ... طُولُ صَحَابةٍ وبَعْضُهُم شَرَطْ

مَعْرِفَةَ الرّاوِي بالآخذِ عَنْهُ ... وَقِيْلَ كُلُّ ما أَتانا مِنْهُ

مُنْقَطِعٌ حَتى يَبِيْنَ الوَصْلُ

حكم "أنَّ" حُكم "عن":

واعلم أن حكم "أنَّ" بالفتح والتشديد نحو أنَّ فلانًا قال: كذا، حكم "عن" على الصحيح، فيحمل على الاتصال بشرطه المتقدم، كما نقله ابن عبد البَر في "تمهيده" قائلا: لا اعتبار بالحروف والألفاظ، بل باللقاء والمجالسة والسماع مع السلامة من التدليس. وذهب أبو بكر البَرْدِيجي -بفتح الباء أكثر من كسرها- إلى أنه منقطع، وكذلك يعقوب بن شَيْبة، فإنه حكم على رواية أبي الزبير، عن محمَّد بن الحنفية، عن عمار، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد علي السلام بالاتصال، وحكم على رواية قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح، عن محمَّد بن الحنفية أن عمارًا مر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو يصلي، بالإرسال، لكونه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015