والثالث من السند: يحيى بن أبي كثير، واسمه أبي كثير صالح بن المُتَوكِّل، وقيل: نشيط، وقيل دينار، مولى عليّ اليَعماميّ الطائي مولاهم، العطار، أحد الأعلام الثقات، العبّاد، روى عن أنس وجابر مرسلًا، وعن أبي سَلَمة وهِلال بن ميمونة، ومحمد بن إبراهيم التميميّ وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله وأيوب السَّخْتيانيّ، ويحيى بن سعيد الأنصاريّ، وهما من أقرانه، والأوزاعي وغيرهم، قال وهُيب عن أيوب: ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى، وقال ابن عُيينة: قال أيوب: ما أعلم أحداً بعد الزُّهريّ أعلم بحديث أهل المدينة من يحيى، وقال القطان: سمعت شُعْبة يقول: يحيى أحسن حديثًا من الزهريّ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه يحيى: من أثبت الناس، إنما يعد مع الزُّهريّ، ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزُّهْري فالقول قول يحيى، وقال العِجْليّ ثقة، كان يعد من أصحاب الحديث وقال أبو حاتم: يحيى إمام لا يحدث إلا عن ثقة. وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: كان من العُبَّاد، رأى أنسًا يصلي في المسجد الحرام رؤية لم يسمع منه، وقال يحيى القَطَّان: مرسلاته تشبه الريح؛ لأنه كان كثير الإرسال والتحديث من الصحف.
قال همام: كان يسمع الحديث منا بالغداة، فيحدث به بالعشيّ، يعني: ولا يذكر من حدثه به. وقال أبو حاتم: لم يسمع من أحد من الصحابة، وقال حسين المعلِّم: قال لي يحيى بن أبي كثير: كل شيء عن أبي سَلاَم إنما هو كتاب. قال: وقلنا له: هذه المرسلات، عمن هي؟ قال: أترى أحدًا أخذ مدادًا وصحيفة يكتب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب؟ قال: فقلت له: فإذا جاء مثل ذلك، فأخبرنا. قال: إذا قلت بلغني فإنه من كتاب.
مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل سنة اثنتين وثلاثين بعد أيوب بسنة وليس في الكتب الستة يحيى بن أبي كثير غيره، نعم فيها يحيى بن كثير العَنْبريّ، وفي أبي داود يحيى بن كثير الباهِليّ، وفي ابن ماجه يحيى بن كثير صاحب البصريّ، وهما ضعيفان.