عن النبي صلى الله عليه وسلم، بأسانيد معلومة معروفة، وضعوا لها غير تلك الأسانيد. وقوم عندهم غفلة إذا لقنوا تلقنوا، وقوم ضاعت كتبهم فحدثوا من حفظهم على التخمين، وقوم سمعوا مصنفات وليس عندهم، فحملهم الشَّره إلى أن حدثوا عن كتب مشتراة، ليس فيها سماع ولا مقابلة، وقوم كثيرة ليسوا من أهل هذا الشأن.

سئل يحيى بن سعيد عن مالك بن دينار ومحمد بن واسع وحسَّان بن أبي سنان؛ قال: ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث، لأنهم يكتبون عن كل من يلقون، لا تمييز لهم. وروى الخطيب بسنده عن ربيعة الرأي، قال: من إخواننا من نرجو بركة دعائه، ولو شهد عندنا بشهادة ما قبلناها، وعن مالك: أدركت سبعين عن هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أخذت عنهم شيئًا. وإن أحدهم يؤمن على بيت المال لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، ونزدحم على باب محمد بن مسلم الزُّهْريّ. وقد أشار العراقي إلى الموضوع بقوله:

شر الضعيف الخبرُ الموضوعُ ... الكذب المختلق المصنوعُ

وكيف كان لم يجيزوا ذكره ... لمن علم ما لم يُبين أمره

وأكثر الجامع فيه إذ خرج ... لمطلق الضعف عُني أبا الفرج

والواضعون للحديث أضربُ ... أضرهم قوم لزهد نسبوا

قد وضعوها حِبّة فقبلت ... منهم ركونًا لهم ونقلت

فقيض الله لها نقادها ... فبينوا بنقدهم فسادها

نحو أبي عصمة إذ رأى الورى ... زعمًا نأوا عن القرآن فافترى

لهم حديثًا في فضائل السور ... عن ابن عباس فبئس ما ابتكر

كذا الحديث عن أبي اعترف ... راويه بالوضع، وبئس ما اقترف

وكل من أودعه كتابه ... كالواحدي مخطىء صوابه

وجوز الوضع على الترغيب ... قوم ابن كرَّام، وفي الترهيب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015