وحسنًا وحسينًا رضي الله عنهم، في بيت أم سلمة، وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب، اللهمَّ، عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا". وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه". وروي عن علي أنه قال: قيل لأبي بكر وعلي يوم بدر: مع أحدكما جبريل ومع أحدكما ميكائيل، وإسرافيل ملك يشهد القتال، ويقف في الصف. وقد روى أن ميكائيل وجبرائيل مع علي والأول أصح.
وقال ابن عباس: لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وايم الله لقد شاركهم في العشر الآخر. وقالت عائشة: من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا: عليًا، قالت: عليّ أما إنه لأعلمُ الناس بالسنة. وقيل لعطاء: أكان في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد أعلم من علي قال: لا، والله ما أعلم. وقال معاوية لضرار الصَّدائي: يا ضرار صف لي عليًا، قال: اعفني يا أميرا المؤمنين، قال: لتصفنَّه. قال: أمّا إذْ لابدّ من وصفه، فكان، والله, بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلًا، ويحكم عدلًا، يتفجر العلمُ من جوانبه، وتنطق الحكمةُ من نواحيه، ويستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصُر، ومن الطعام ما خَشُن، كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا، وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له. يعظم أهل الدين، ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، واشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضًا على لحيته، يتململُ تملمُلَ السّليم، ويبكي بكاء الحزِين، ويقول: يا دنيا غُريّ غيري، إليَّ تعرضت أم إليّ تشوقت هيهاتَ هيهاتَ، قد باينتك ثلاثًا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك حقير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق.