وقد نظم شيخ الإِسلام البُلقيني مناسبات ترتيب تراجم البخاري بقصيدة طويلة أولها:
أَتَى في البُخارِي حكمة في التَّرَاجِمِ ... مناسبة في الكتبِ مِثل البَراجِمِ
ذكرها القَسْطَلّاني بأجمعها.
وممن شرحه شيخ أشياخي ووالدهم الشيخ محمَّد سالم المَجْلِسي في أربعة عشر مجلدًا ضخامًا وسماه "النهر الجاري".
هذا ما وقفت عليه من شروحه، مما كَمَل، ومما لم يَكْمُل، ومما اقتصر على التراجم، والجميع يقرب من نحو الخمسين.
والآن أُقَدِّمُ قبل الشروع في تقرير المتن كلامًا مختصرًا على مبادئ علم الحديث رواية ودِراية، لأنهما مجموعان في هذا الكتاب باعتبار المتن والشرح، فقد قال العلماء: إن كل من قصد فنًّا من الفنون يلزمه قبل الشروع فيه معرفة مبادئه العشرة، ليكون الطالب على بصيرة في طلبه، لاستحالة توجيه النفس نحو المجهول المطلق، لأنّ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وقد يقال: الحكم على الشيء ردًّا وقبولا فرع عن كونه معقولا.
والمبادىء العشرة قسمان: قسم تجب معرفته وجوبًا صناعيًّا، وهو ثلاثة: الحد، والموضوع، والغاية، وقسم تندب معرفته كذلك، وهو ما عدا ذلك.
وقد مر لك أن علم الحديث رواية ودراية، والحديث يرادفه الخبر على الصحيح، وهو ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل: أو إلى صحابي، أو إلى مَنْ دونه من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة، وهذا هو المعبر عنه بعلم الحديث رواية ويحد: بأنه علم يشتمل على نقل ذلك.