وما جرى في النسخ يجري في الكلام من السامع والمسمع وقت السماع، وفي إفراط القارىء في الاسراع، وفيما إذا خفي صوته حتى خفي في جميع ذلك بعض الكلم، وكذا إذا بعُد السامع عن القارىء، أو عرض له نعاس ونحو ذلك. وقد كان الدارقطنيّ يصلي في حال قراءة القارىء عليه، وربما يشير بردّ ما يخطىء فيه القارىء. ثم مع اعتماد التفصيل يفتقر الكلمتان أو أقل، والضابط دوران الأمر على ما لا يكون الذهول عنه مُخلًا بفهم الباقي، ويُسَنُّ للشيخ أن يجيز السامعين رواية ما رووه عنه، مع إسماعه لهم جبرًا، لما يقع من أجل ما ذكر أو نحوه كخلل في الإعراب أو الرجال، وذلك بأن يقول: أجزت لكم روايته سماعا.

وقال ابن عتّاب: لا غنى لطالب العلم عن الإجازة من الشيخ، مقترنة بالسماع لجواز سهوٍ أو غفلة أو غلط، وظاهره الوجوب، ثم ينبغي لكاتب بلغ مقابلة الطبقة أن يكتب الإجازة عقب كتابته السماع، ويقال: أول من كتبها في الطِّباق الحافظُ أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنماطيُّ، فجزاه الله خيرًا في سَنِّه ذلك لأهل الحديث، فلقد حصل به نفع كثير. ولقد انقطعت بسبب إهمال ذلك ببعض البلاد روايةُ بعض الكتب، لكون راويها كان له فوت، ولم يوجد في الطبقة إجازة المسمع للسامعين فما أمكن قراءة ذلك الفوت عليه بالإجازة، لعدم تحققها، كما اتفق لأبي الحسن علي بن الصَّواف الشاطِبيّ في سُنَن النَّسائي، فلم يأخذوا عنه سوى مسموعه منها على أبي بكر بن بلْقا.

وسأل صالحٍ بن أحمد بن حنبل أباه فقال له: إن أدغم الشيخ أو القارىء لفظًا يسيرًا، فلم يسمعه السامع معرفته أنه كذا وكذا، أيرويه عنه؟ فقال له: أرجو أن يعفى عنه ولا يضيق. ومنع أبو نُعيم الفضل بن دُكين ذلك في حال سماعه من سفيان والأعمش، إذا شرد عليه اللفظ اليسير واستفهمه من بعض رفقائه، فقال: لا يسعه إلا أن يروي تلك الكلمة الشاردة عن فهمه إياها، لا عن شيخه، ومَثَلُه في ذلك زائدةُ بن قُدامة، فقد قال خَلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015