فتحٍ الجزيرة، ونزل نَصِيبين، وتزوج فيها. وقُتِل ابناه صَفوانُ وسعيدُ بصفين، وكانا قد بايعا عليًا بوصية أبيهما بذلك إياهما.
ولما نزل به الموت جزع جزعًا شديدًا، وبكى بكاء كثيرًا، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: لا أبكي أَسفا على الدنيا، بل الموت أحبّ إلى، ولكني لا أدري على ما أقْدم: على رضا أو سَخَط. وقيل: لما حضره الموت، قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهُمَّ إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك، ثم مات.
ومن كراماته الباهرة الحاصلة بعد موته، ما ثبت عندنا بالتواتر، من أن أهل بغداد، لما خافوا من وصول ماء دجْلة لقبره، أخرجوه منه، ووجدوه كأنه يوم قبضت روحه الشريفة، لم يتغير كفنه بتغير ما، فضلًا عن جسده الشريف. وكان هذا في أوائل ذي الحجة سنة خمسين وثلاث مئة وألف.
له مئة حديث، وأحاديث، اتفقا على اثني عشر وانفرد البخاريُّ بثمانية ومسلم بسبعة عشر. قاله في الخُلاصة: -وهو يعيد من قول الكرمانّي في شرحه- "له عشرون حديثًا" فلعله أسقط عددًا، إما منه أو من الناسخ. روى عن النبي، صلى الله عليه وسلم وعمر، وروى عنه جابر بن عبد الله وجُنْدُب ابن عبد الله البَجْليّ، وعبد الله بن يَزيد الخطْميّ، وأبو الطُّفَيل وغيرهم من الصحابة، وحُصَين بن جُنْدُب أبو ظَبْيَان ورَبَعِيّ بن خِراش، وَزرْ بن حُبيش وزيْد بن وَهْب، وأبو وائل وُصْلَة بن زُفير، وأبو ادريس الخَوْلاّني وغيرهم.
مات، رضي الله عنه، بالمدائن سنة ست وثلاثين، بعد قتل عثمان بأربعين ليلة، ولم يدرك الجَمَل، وليس في الصحابة حذيفة بن اليمان سواه إلا ابن اليمان الأَزْدِيّ. وفيهم حُذيفة ثلاثة: حذيفة بن أَسَيْد، بفتح الهمزة، وابن أَوْس وابن مُحْصن الغَلْفَانيّ، وفي الستة حذيفة سواه ثلاثة.
ثم ذكر المصنف ثلاثة تعاليق أُخر فقال:
وقال أبو العالية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما