قال الحاكم في "تاريخه": لما قدم البخاري نيسابور سنة خمسين ومئتين، قال محمَّد بن يحيى الذُّهْلِيّ: اذهبوا إلى هذا الرجل الصالح العالم، فاسمعوا منه، فذهب الناس إليه، فأقبلوا على السماع منه حتى ظهر الخلل في مجلس محمَّد بن يحيى، فتكلم فيه بعد ذلك.
وقال مسلم: ما رأيت واليًا ولا عالمًا فعل به أهل نَيْسابور ما فعلوا لمحمد بن إسماعيل، استقبلوه من مرحلتين من البلد أو ثلاث، وقال محمَّد بن يحيى الذُّهليّ في مجلسه: من أراد أن يستقبل محمَّد بن إسماعيل غدًا فَلْيستقبله، فإني أستقبله، فاستقبله الذُّهْلِيُّ وجميع علماء نيسابور، وازدحم الناس عليه حتى امتلأت الدار والسطوح، ثم بعد اليوم الثالث قام رجل في المجلس، فقال له: ما تقول في اللفظ بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق، فأعرض عنه، ولم يجبه ثلاث مرات، فألح عليه فقال له: القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة، فَشَغَبَ الرجل، وقال: قد قال لفظي بالقرآن مخلوق.
وقال أبو عمر، وأحمد بن نَصْر: سمعت البخاري يقول: من زَعَمَ أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وقال محمَّد بن نُعيم: سألت البخاري لما وقع في شأنه ما وقع عن الِإيمان، فقال: قول وعمل، ويزيد وينقص، والقرآن كلام الله، غير مخلوق، وأفضل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، على هذا حَيِيْتُ، وعليه أموت، وعليه أبعث إن شاء الله تعالى.
وقال الحاكم: ولما وقع بين البخاري وبين الذُّهْلِيّ في مسألة اللفظ انقطع الناس عن البُخاري إلا مسلم بن الحجاج، وأحمد بن سَلَمة، فقال الذُّهلي: ألا من قال باللفظ فلا يَحِلُّ له أن يحْضُر مجلسنا، فأخذ