الذي هو فيه. وفي رواية الحَمَويّ والمُسْتَملي "يحدثه" بزيادة هاء. والمعنى: يحدث القوم الحديث الذي كان فيه. وليس الضمير المنصوب عائدًا على الأعرابيّ. وقوله: "فكره ما قال" أي: الذي قاله، فحذف العائد. وقال بعضهم: بل لم يسمع أي قوله، وبل حرف إِضراب وَلِيَهُ هنا جملة، وهي: لم يسمع. فيكون بمعنى الإبطال لا العطف، والجملة اعتراض بين "فمضى" وبين قوله "حتى إِذا قضى حديثه" فحتى إِذا يتعلق بقوله "فمضى يحدّث" لا بقوله "لم يسمع" وإنما حصل لهم التردد في ذلك لما ظهر من عدم التفات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إِلى سؤاله وإصغائه نحوه، ولكونه كان يكره السؤال عن هذه المسألة بخصوصها. وقد تبيّن عدمُ انحصار تَرْك الجواب في الأمرين المذكورين، بل احتمل أن يكون أخَّره ليُكمل الحديث الذي هو فيه، أو أخّر جوابه ليوحى إِليه به.
وقوله: "قال أين أراه السائل عن الساعة"؟ أي: عن زمانها. والشك من محمد بن فُليح. وفي رواية اين السائلْ بالجزم، وهو في الروايتين بالرفع على الابتداء. وخبره "اين" المتقدم. وهو سؤال عن المكان بُني لتضمُّنه معنى حرف الاستفهام. وأُراه بضم الهمزة، ومعناه: أظن. وقد مرّ الكلام عليه مستوفىً في باب "إِذا لم يكن الإِسلام على الحقيقة" عند قول سعد إِني لأُراه مؤمنًا.
وقوله: "قال ها أنا يا رسول الله"؛ أي: السائل فالسائل المقدّر خبر المبتدأ الذي هو"أنا"، وها حرف تنبيه، وقد قال في "تاج العروس" عند قول صاحب القاموس في خطبته: "وها أنا أقول ما نصه المعروفُ بين أهل العربية أن "ها" الموضوعة للتنبيه لا تدخل على ضمير الرفع المنفصل الواقع مبتدأً إِلا إِذا أُخبر عنه باسم الإشارة، نحو: "ها أنتم أولاءِ"، "ها أنتم هؤلاء" فأما إِذا كان الخبر غير إِشارة، فلا". وقد ارتكبه المصنف هنا غافلاً عن شرطه. والعجب أنه اشترط ذلك في آخر كتابه لما تكلّم على "ها"،