روى البغوي عن زيد بن أسلم أن المغيرة استأذن على عمر، فقال: أبو عيسى. فقال عمر: من أبو عيسى. قال: المغيرة بن شعبة. قال: فهل لعيسى من أب، فشهد له بعض الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكنيه بهذا، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفِر له، وأنا لا أدري ما يُفعل بي، وكناه أبا عبد الله.

أسلم عام الخندق، وقدم مهاجرًا، وقيل: إن أول مشاهده الحديبية، وأمه امرأة من بني نصر بن معاوية، كان رجلًا طُوالا مصاب العين، أصيبت عينه يوم اليرموك، ضخم القامة، عَبْل الذراعين، بعيد ما بين المنكِبَيْن، أصهب الشعر جَعْده، وكان لا يفرقه، كان يقال له: مغيرة الرأي. شهد اليمامة، وفتوح الشام والعراق، وكان من دهاة العرب. قال قَبيصة بن جابر: صحبت المغيرة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب لا يخرج من باب منها إلا بالمكر لخرج المغيرة من أبوابها كلها.

وقال الطبري: كان لا يقعُ في أمر إلاَّ وجد له مخرجًا، ولا يلتبس عليه أمران إلا ظهر له الرأي في أحدهما، ومن أحسن دهائه أنه لما وُضِع النبي صلى الله عليه وسلم في قبره طرح خاتمه فيه، وقال: خاتمي وقع مني، فدخل فأخذه، ليكون آخر الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن دهائه ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه أنه استعمله عمر على البحرين، فكرهوه وشكوا منه، فعزله، وخافوا أن يعيده عليهم، فجمعوا مئة ألف، وأحضرها الدِّهْقان إلى عمر، وقال له: إن المغيرة اختان هذه وأودعها عندي، فدعاه، فسأله فقال: كذب إنما كانت مئتي ألف، فقال له عمر: وما حملك على ذلك؟ قال: كثرة العيال. فسُقِطَ في يد الدِّهْقان، فحلف وأكد الأيمان أنه لم يودع عنده قليلًا ولا كثيرًا. فقال عمر للمُغيرة: ما حملك على هذا؟ قال: إنه افترى عليَّ، فأردت أن أخزيه.

وروي عنه أنه قال: أنا أول من رشا في الإِسلام، كنت جئت إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015