كواشف زيوف (صفحة 55)

نظره، وماذا تفعل الجماهير التقليدية إذا كان الحق غائباً، والزيف قائماً، والشياطين بمغرياتهم يغوون، يسترضون الأهواء، ويأسرون الشهوات، ويفسدون الأفكار؟؟.

وبدأ رجال النهضة الحديثة يعملون على محاصرة رجال الكنيسة، وعزلهم ضن حدودهم وطقوسها شيئاً فشيئاً، وأخذت فكرة فصل الدين عن السياسة والعلم وشؤون الحياة تتحقق بصورة تدريجية، وبدأت تتضاءل سلطة رجال الكنيسة.

ثمّ أخذت النظريات في العلوم، والتجارب في المعامل، والتطبيقات في مختلف مجالات الحياة، تعطي ثمارها النافعة المدهشة، فساعد ذلك على انتشار وتعميق وترسيخ فكرة فصل الدين عن السياسة والعلم والحياة في الغرب، إذ كانت نفوس أهله مهيأة لذلك ومستعدة له، وفي كثير منها دوافع ثورية لإعلائه، لولا ضواغط الخوف التي كانت تمنع ظهوره، بسبب تعاون السلطة الدينية والسلطة السياسية، وامتلاكهما لكل مراكز القوة.

ونشط المغرضون في التحريض ضد رجال الدين المسيحي في كل موقع، همساً ودساً، ثمّ كتابة ونشراً.

وكانت بداية النهضة العلمية الحديثة في ميادين الفلسفة، التي كانت يومئذ وعاء كل العلوم الطبيعية وما وراء الطبيعة.

ثمّ بدأت العلوم الرياضية والطبيعية تأخذ مجاريها المنفصلة عن الفلسفة، لتختص الفلسفة ببحوث ما وراء الطبيعة، ومنها التعليلات والتفسيرات الغيبية للظواهر الطبيعية.

وبدأ المفكرون الغربيون يبحثون في الفلسفة الإغرقية، والفلسفات التي بنيت عليها أو استفادت منها أو تأثرت بها عن بدليل للدين الذي عزلوه في نفوسهم عن السياسة والعلم والفلسفة والحياة ووسائل العيش وأساليب السلوك.

ولما كانت الفلسفة الإغريقية عقلية الجذور، فقد اتجه الغرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015