كواشف زيوف (صفحة 45)

الإنسانية، وعن الحيوانية المحكومة بنظام فطرتها التي لا غلو ولا شطط فيها.

فأقاموا بأنانية مفرطة، وتعصب صليبي مجنون، محاكم التفتيش في الأندلس، وأبادوا فيها المسلمين إبادة تامة، بأغرب ما يتخيل الفكر من قسوة ووحشية وفنون تعذيب، رغم العهود التي قطعوها للمسلمين، بإعطائهم كامل حرياتهم في الأندلس، حين تمكنوا عن طريق المنافقين والخائنين من الانتصار على المقاتلين من المسلمين فيها، وتمكنوا من احتلالها.

لقد كانوا يملؤون سجوناً غائرة في الأرض بالمعذبين، فيعذبونهم عذاباً نكراً، ثمّ يقفلون عليهم، ويسدون عليهم المنافذ، حتى يموتوا اختناقاً، ثمّ يجعلون هذه السجون مقبرة لسجنائهم المالئين لها.

ولم يكن رجال الكنيسة في معظم الدول المسيحية إلا صوراً مشابهة أو مقاربة لرجال الكنيسة في الأندلس، تعصباً وعنفاً وقسوة وهمجية، ضد كل من يشتبهون بأنه على خلاف رأيهم في أية مسألة يلصقونها بالدين.

وجر الطغيان الديني الذي وصل إليه رجال الكنيسة، إلى احتكار العلم، واضطهاد مخالفيهم من العلماء الباحثين في علوم الطبيعية بوسائلهم الإنسانية.

ولم يكن دفاعهم عن المسيحية دفاعاً عن دين حق ثابت بنصوص قطعية، ولا عن حقائق ثابتة في الدين بنصوص ربانية، أو نصوص ثابتة عن عيسى عليه السلام بطرق يقينية، وإنما كان دفاعاً عن آراء من وضع رجال الكنيسة السابقين، ألصقوها بالدين على شكل شروحات وتفسيرات، واستفادوها من آراء يونانية سالفة، أو أقوال شائعة على ألسنة الجماهير ليس لها سند علمي، ولا سند ديني.

وقد حلل العلامة الشيخ أبو الحسن الندوي هذه الظاهرة بدقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015