رمزية نخترعها، وقد لا يكون لها قيم حقيقية في ذواتها. فكيف بالقيم الثابتة عقلياً، والقيم الأزلية، كقيم الحق والخير والفضيلة والجمال والكمال.
لعبة المضللين:
ويستخدم المضللون بالمذاهب الفكرية لعبة تطبيق المنهج العلمي، الذي يطبق على الكائنات التي تخضع في فطرتها لقوانين أو سنن جبرية ثابتة، فيطبقونه على الناس في دوائر سلوكهم الإرادي الذي وضعهم الله فيه موضع الامتحان والاختبار، ليبلوهم، ثمّ ليحاسبهم ويجازيهم، وما أكثر ما نجد هذه اللعبة الحقيرة، تزييفاً للحقيقة، لدى دراستنا للمذاهب الفكرية المعاصرة الأخلاقية والسياسية والاقتصادية والنفسية والاجتماعية وغيرها.
إننا بتطبيق هذا المنهج العلمي القائم على الاختبار والملاحظة والسبر والاستقراء، قد نصل إلى معرفة أحسن طريقة لصهر المعادن، والانتفاع من الأشياء المادية، وإلى أحسن طريقة لزراعة النباتات الحقلية وزراعة الأشجار، وإلى أحسن طريقة لتربية الحيوانات وتنميتها وتحسين أصنافها، والانتفاع من ثرواتها، وإلى أحسن طريقة لمعالجة الأمراض وتقويم الأجسام، وتعليم المتعلمين وتربيتهم، ونستطيع أن نستفيد من النجاحات الأكثر لاستخدام بعض الطرق أفضلية هذه الطرق، لأن قوانينها الجبرية وسنن خالقها الفطرية تقضي بذلك.
لكن سبر السلوك الإنساني القائم على الإرادات الحرة لا يصح في منطق العقل اعتبارُه أساساً لتحديد قِيَم سلوك الناس، من حق وباطل، وخير وشر، وجمال وقبح، وكمال ونقص.
فلو أن سلوك النسبة العظمى من الناس كان هو الكذب والخيانة والظلم والعدوان، لما كان هذا السلوك هو الأقوم والأفضل، والسلوك الذي يشتمل على القيمة الرفيعة النافعة، بل تظل هذه الأخلاق قبيحة وسيئة ورذيلة، ولو أجمع الناس على ممارستها.