كواشف زيوف (صفحة 109)

قدرات حذَرٍ لديه، وبها يفحص كل كبيرة وصغيرة فحصاً دقيقاً يقظاً يقظةً واعية تناسب ما لديه من قدرات، حتى إذا طال عليه الأمد في الفحص الحذر اليقظ الواعي، دون أن يعثر على ما فيه من زيف ظاهر، أو باطل مدسوس بقصد، مل من شدة الفحص والمراقبة، وبدأ النعاس يدبّ إلى مراكز المراقبة داخل نفسه، ثمّ تهدأ نفسه، ويذهب عنها التوتر الحذِر، وترتخي أعصابه، ثمّ تبدأ الطمأنينة تتسلل إلى قلبه شيئاً فشيئاً، فإذا اطمأن منح ثقته دون حذر، وقد يصل إلى حالة المستقبلِ الواثق دون نقد ولا اعتراض، ثمّ إلى وضع المستسلم استسلاماً تاماً.

وعندئذٍ تستطيع الأفكار الباطلة المندسة أن تتسلل إلى عمق النفس، وإلى مركز ثوابت الأفكار، دون أن تجد عقبة تصدّها، أو أجهزة تفتيش ومراقبة تكشف زيفها، وتستبين بطلانها، ويردد المستقبل الواثق الأفكار الباطلة دون تحرير ولا مناقشة، ثقة بحصافة كاتبها أو ممليها.

ويستغل المضلون هذه الحيلة الشيطانية استغلالاً واسعاً جداً، فيما يكتبون، وفيما ينشرون، وفيما يعرضون من مقولات وأبحاث، بمختلف وسائل التعليم والإعلام، لتتسلل زيوفهم إلى عمق النفوس، دون أن تستوقفها أجهزة تفتيش أو فحص أو مراقبة، وقد تتحول إلى مفاهيم ثابتة، ثمّ إلى عقائد راسخة، رغم بطلانها.

بهذه الحيلة الشيطانية قد تدخل النقود المزيفة على أمهر صيرفي نقاد، وقد تدخل الأفكار الباطلة على أمهر عالم فحص، فكيف بالذين لا خبرة عندهم، أو تحصيلهم من المعرفة قليل، أو ذهنهم في إدراك الزيف كليل؟؟.

والخطير في عمليات التلبيس أن يكون دس الأفكار الباطلة، والمذاهب الفاسدة، ضمن قواعد العلوم التجريبية أو الوصفية، ويلاحظ أنه غالباً ما تكون الأفكار الباطلة، والمذاهب الفاسدة، المندسة في العلوم التجريبية أو الوصفية، آراءً فلسفية ليس لها دليل تجريبي، ولا دليل حسي، والمكيدة الشيطانية تجعلها إحدى الأسس النظرية التي تدل عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015