بإدخاله عليه، فلمَّا مثل بين يديه، قال له: ماحَمَلك على ما صَنَعْتَ؟ فقال: الثِّقَةُ بِحِلْمِكَ، والتَّوَكُلُ على عفوك،

فَأَمَرَ لَهُ بالجلوس حتّى لم يَبْقَ مِنْ بني أميةَ أحدٌ، وخلا المجلس، فأمر بإخراج الجارية بِعُودِهَا،

فخرجت به معها، ووضع لها كرسيّ، فجلست عليه، فقال له: اخْتَرْ! فقال: تغني:

تَعَلَّقَ رُوحِي رُوحَهَا قَبْلَ خَلْقِنا ... وَمِنْ بَعْدِمَاكُنَّا نِطَافاً وفي المهدِ

فَزَادَ كَمَا زِدْنَا، فأصبح نَامِياً ... ولَسْنَا وإِنْ مِتْنَا بِمُنْتَقِضي العَهْدِ

ولكنَّهُ باقٍ على كُلِّ حَادِثٍ ... ورائدنا في ظُلْمَة القبر واللَّحْدِ

فغنت ذلك، فقال له سليمان: قُلْ. قال: تأمر لي برطل، فَأُوتيَ به فشربه، ثم قال: تغني:

إذا قلتُ مَابي يابُثينَةُ قَاتلي ... من الحبِّ قَالَتْ ثابِتٌ وَيزيدُ

وَإِنْ قُلتُ رُدِّي بعضَ عَقْلِي أَعِشْ بهِ ... مع النَّاسِ قالت: ذاك منك بعيدُ

يموتُ الهوى مِنِّي إذا مَا لَقِيتُهَا ... ويحيا إذا فَارَقْتُها فَيَعُودُ

فغنت ذلك، فقال له سليمان: قُلْ. قال: تَأمُرُ لي برطل فَأوتي به، فشربه. ثم قال: تغني:

لقد كُنْتِ خيرَ الناسِ لو دَام وُدُّها ... ولكنَّما الدنيا مَتَاعُ غُرُورِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015