إلى السَّتارة فَهَتَكَتْها وبرزَتْ كأنَّها قمر، فرمت بنفسها في الماء.
وكان على رأس مُحَمَّد غُلام قائمٌ يضاهيها في الجمال، وكانت بيده مذَبَّة يَدُبُّ بها عن محمّد، فرمى
المدية من يده، وصَارَ إلى الموضع الذي رَمَتْ فيه بنفسها، وأنشأ يقول:
أَنْتِ الَّتي غَرَّقْتنِي ... بُعْدَ القَضَا لَوْ تَعْلَمِينَا
لاَ خيرَ بَعْدَكِ في البقا ... والموتُ زَيْنُ العاشقِينَا
وَرَمَى بِنَفْسِه في المَكَان ثُمَّ عَانَقَها في الماء، وغَاصَا جميعاً، فما ظَهَرَا بَعْدُ.
فَلَمَّا رَأى ذلك محمد رَاعَه، وقال: ياعمرو، لتحدثني بحديث يسليني عن هذه القضية، وإلاّ لحقتك
بهما فتحيَّرتُ، ثمَّ حضرني خبرٌ ظريف مثله. فقلت له:
إِنَّ سليمان بن عبد الملك بن مروان جلس يوماً إلى المظالم فعرضت له بطاقة فيها مكتوب: إِنْ رأى
أمير المومنين، أَيَّدَه الله، أَنْ يُخْرِجَ لي فلانة، يَعْني بعض خَدَمه، فتغنِّي لي بثلاثة أصواتٍ فعل،
فاغْتَاظ سليمان لذلك، وأَمَر مَنْ ياتيه برأس صاحب تلك البطاقة، ثم أتبعه رسولاً آخر يأمره