أنشد:
مَنْ لاَ أُسَمِّي وَلاَ أَبُوحُ به ... أَصْلَحَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ أَهْوَى
أَرْسَلْتُ مَنْ كَابَدَ الهَوَى فَدَرَى ... كَيْفَ تُدَاوَى مَوَاضِعُ البَلوَى
وَلي حُقُوقٌ في الحُبِّ ظَاهرةٌ ... لكِنَّ إلْفي يَعُدُّهَا دَعوَى
يَارَبِّ إنَّ الرسولَ أَحْسَن لي ... يَا رَبِّ فاحفَظهُ لي من الأَسْوا
وحكى بعض الوزراء بإشبيلية ممن عُنِيَ بالاخبار، والبحث على السير والآثار. أن أبا المطرف عبد
الرحمان بن هشام بن عبد الجبار، المتسمى من الألقاب السلطانية بالمستظهر بالله، أحد أمراء بني
أمية؛ خطب حبيبة، ابنة عمه المستعين سليمان بن الحكم، فَلَوَتْهُ أمها شَنَف، المدعوة بأم الحكم. وكان
بقلبه منها نار تتوقد؛ وشوق يتزيد، وجوى ناره لا تخمد، وََوَلُوعٌ يتجدد مع الاحيان ويتأكد. عافت
عيناه منه الكرى؛ وكاد النحولُ يخفيه فما يرى. وكانا قد نشأ معاً في وقت واحد؛ وعن طارف وتالد.
فلما اشتد بها كلفه؛ وأقلقه شغفه، وخامرت لوعات الأسى فكره؛ وأضاقت أسباب المنع والصدّ صدره
كتب إليها بقوله:
وَجَالِبَةٍ عُذْراً لتَصْرفَ رَغْبَتي ... وتَأْبَى المَعَالي أَنْ نُجيزَلها عذْرَا
يُكَلِّفُهَا الأَهلونَ رَدِّي سَفَاهةً ... وَهَلْ حسنٌٌ بالشمس أن تمنع البدرا