لا أدركت تلك الأهلة دهرها ... نقصاً ولا تلك النجوم أفولا
قال أبو إسحاق:
(الحير) الذي ذكره أبو محمد في هذه الأبيات؛ هو (حير الزجالي) معروف خارج (باب اليهود
بقرطبة). وفيه يقول أبو عامر بن شهيد:
لَقَدْ أَطْلَعُوا عِنْدَ بَابِ اليَهو ... دِ شَمْساً أَبَى آلْحُسْنُ أَنْ تُكْسَفَا
تَرَاهُ آلْيَهُودُ عَلَى بَابها ... أَميراً فَتَحْسِبُهُ يوسُفا
وفيه يقول ويصفه وكان في ذلك الأوان من أبدع المواضع وأجملها؛ وأتمها حسنا وأكملها، قد جعل
منه مرمرا صافي البياض؛ يخترقه جدول كالحية النضناض، وكانت به جَابِيَةٌ؛ كل لجة فيها كَابية. قد
قُرْبِسَتْ باللاَّزَوَرد سماؤه؛ وتأزرت به جوانبه وأرجاؤه، والرّوض قد اعتدلت أسطاره؛ وابتسمت عن
كمامها أزهاره. قد مَنَعَ الشمس أن ترمق ثراه؛ ويعطر النسيم بهبوبه عليه ومسراه. شهد به أبو محمد
بن القبطرنة المذكور مع الجلة؛ من أصحابه ليالي وأياماً؛ كأنما تصورت من لمحات الاحباب؛ أوقُدَّت
من صفحات الشباب،