الباب الثاني: في الرسائل المنتخبة

قال أبو إسحاق: قد جمعتُ في هذا الباب من الرسائل الفِصَاح، الفائزة القِداح، الممتزجة بالأَرْوَاحِ، امتزاج العذْب

الزُّلال بصفْو الرّاح، المحتوية على أنواع الفصاحة، والمشتملة على فنون البلاغة والرَّجَاحةِ،

والألفاظ المهذبة المساق، والفِقر الغريبة الازدواج والاتفاق؛ الباسقة الأفنان، المتناسقة الجمان، المهذبة

الأعجاز والصدور، المقصرة بالدر على الترائب والنحور، الأنيقة الديباج، المعسولة المُجَاج فقراً

رائقة بهجَة، وألفاظاً عَطِرةً أَرِجَة، جادَتْها ديم الأدب الموفَّى، وبرزتْ كالذهب المصفَّى. دُرَرٌ حيثما

أُديرَتْ أضاءَتْ، ومُشَمٌّ من حيث ما شُمَّ فاحا. فكأنما خُلِقَتْ من السِّحر، حين صُوِّرَتْ في الطُّروس

بالحبر. تُريكَ النُّجُومَ الزُّهر في أفلاكها، والجواهر المنظومة في أسلاكها، رائقة لمُجْتَليها، مفيدة

لمُجْتَنيها. إنْ أبْصِرتْ قصرت بالوشي المحبر، أو تُنُسِّمَتْ زَهِدَتْ في نفحات المسك والعنْبَر، تكسب

الخامل نباهة، وتُفيدُه رفعة ووجاهة، ألَمَّتْ بالإبداع إلمامَا، وأمسكتْ له عناناً وزماماً:

ضُرب الحلم والوقار عليها ... دون عُورِ الكلام بالأسداد

انتَخَبْتُها من كلام أعيان الأدباء المتأخرين، ومشاهير الكتاب الماهرين، مِمَّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015