وفيها كان ابتدا عمارة قلعة جعبر المقدّم ذكرها فى الجزء المختصّ بذكر ملوك بنى أيّوب رحمهم الله، وذكرنا صاحبها جعبر الذى عرفت به، وتنقّلها فى أيدى مّلاكها إلى حين خرابها إلى هذا التأريخ. فلمّا كان قدوم الأمير حسام الدين مهنّا بن عيسى إلى الأبواب العالية أشار ببنايها وعمارتها.
فبرزت المراسم الشريفة بذلك. وندب لشادّ عمارتها الأمير علم الدين سنجر الحمصىّ الذى كان حضر من الشأم المحروس، وجعل والى الولاة بالوجه البحرىّ بالديار المصريّة. واهتمّ لعمارتها همّة عظيمة، وتوجّه إليها من ساير الممالك الإسلاميّة بالأعمال الشاميّة عدّة كبيرة من الصنّاع البنّايين والحجّارين والمهندسين. وتوجّه المقرّ الأشرف السيفىّ تنكز ملك الأمرا بالشأم المحروس-بسط الله ظلّه-فى عدّة عشرة آلاف فارس من العساكر الشاميّة، وقطع الفراة وضرب حلقة صيد، فصاد فى حلقة واحدة ألف غزال. ثمّ نزل على القلعة المذكورة ورتّب البنّايين بحضوره. وأقام فى سفرته أربعة وعشرين يوما. وجفلت منه جميع أهل تلك الديار من شحانى التتار والقراو وليّة وسكّان البلاد، فسيّر إليهم وطيّب خواطرهم، فرجع كلّ أحد إلى وطنه واطمأنّت قلوبهم. ولم يتعرّض أحد من الجيوش الذين فى خدمته لشئ تكون قيمته درهما (?) ولا أقلّ من ذلك ولا أكثر، لما فى قلوبهم من عظم هيبة المقرّ المشار إليه. وذلك أنّ العبد من طينة مولاه، أيّد الله تعالى عزماته وأعانه على ما ولاّه. وهذا آخر ما تجدّد من حوادث سنة خمس وثلاثين وسبع ماية. وإلى هاهنا وقف بنا الكلام، فى سيرة سيّد