فيه إلى أن هلك فى شهر شعبان من هذه السنة. ونزل إليه القاضى شرف الدين النشو ناظر الخاصّات الشريفة السلطانيّة، والأمير بدر الدين لؤلؤ شادّ الدواوين المعمورة، فوجدوه ملقى على حصير ونطع، ولم يجدوا فى بيته شيئا (?) له قيمة. وكان المهذّب رجلا مترهّبا ليس له زوجة ولا ولد وتسحّبوا أهله وغلمانه وعبيده وتركوه على هذه الحالة المذكورة.
وأخرج ودفن، واستمرّ الحال كذلك إلى شهر ذى الحجّة من هذه السنة.
فوقع أبوه وعمّه نصرانيّان، فاعترفا بجملة كبيرة من الأموال. وأخرجوا عدّة دفاين من عدّة أماكن، بها آلاف من ذهب عين مختوم. ومن جملة ما وجدوه له فى كنيسة بحارة الروم بالقاهرة المحروسة ذهب كثير، لم أحرّر زينته، وقماش ومتاع بجملة كبيرة. وفى الجملة دواة ومرملة مرصّعتان بفصوص عظيمة القدر. ذكر أن صاحب حماة كان أحضرها فى وقت تقدمة لمولانا السلطان. فأنعم بها مولانا السلطان عزّ نصره على الأمير سيف الدين بكتمر فى يوم من تلك الأيّام المذكورة بالإنعامات. فلمّا توفّى الأمير سيف الدين رحمه الله، أخذها المهذّب فى جملة ما أخذ من تركته. فلمّا أحاطت العلوم الشريفة بما وجد لهذا الكاتب من الأموال التى تخامر العقول، تحقّق نصره الله أنّ هذا بعضه (16) ما هو عند ابن هلال الدولة، إذ كان هو الأصل وهذا المهذّب فرع منه، وكذلك بقيّة الكتبة المذكورين، فطلبوا بذلك والحال مستمرّ فى حثّ الطلب عليهم إلى آخر هذا الشهر، وهو شهر ذى الحجّة سلخ سنة خمس وثلاثين وسبع ماية، والله تعالى الولىّ المالك، أعلم بما يتجدّد بعد ذلك