من جهة الغرب نهرا (?) آخر مستدار نحوها كالستور، وانعطف معها كالسور. وفى قلّة قلّتها جبل يردّ الطرف وهو كليل، ويضلّ النظر فى تخيّل هضابه فلا يهتدى إلى تصوّرها بغير دليل، وكذلك من شرقها وغربها فلا تنظرها الشمس ولا القمر وقت الشروق، ولا يشاهدها وقت الأصيل، وحولها من الأودية خنادق لا يعرف فيها الهلال إلاّ بوصفه، ولا الشهر إلاّ بنصفه. وأمّا الطريق إليها فيزلّ الذرّ عن متنها ويكلّ طرف الطرف عن سلوك سهلها فضلا عن حزنها.
وبها من الأرمن عصب جمعهم التكفور، من كلّ فاجر كفور، ومن التتار فوق (8) زيادتهم قد بذلوا دونها النفوس، وتدرّعوا للذبّ عنها لبوس. وأقدموا على شرب كأس الحمام خوفا أن يكفرّهم التكفور أو يحرمهم (290) خليفتهم الحاكم بها كيتاغيوس (10). وإذ زيّن لهم الشيطان أعمالهم، وفسّح فى ميدان الضلالة آمالهم، {فَلَمّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ} (11)، وترك كلّ منهم يعضّ من الندم على يديه.
وحين أمر السلطان-خلّد الله ملكه-الجيوش المنصورة بالنزول عليها، والهجوم من خلفها ومن بين يديها، ذللّت مواطئ جيادها صهوات تلك الجبال، وأحاطت بها