وكانت هذه القلعة المذكورة للثغور الإسلامية بمنزلة الشجا فى الحلق، والتشويه فى الخلق، والغلّة فى الصدر، والخسوف الطارئ على طلعة البدر، لا تخلوا (?) من غلّ تضمره، فى لين تظهره، وغدر تستره، فى عذر تورده وتصدره، وقد سكن أهلها إلى مخادعة الجار، وموادعة التتار، وممالأتهم على الإسلام بالنفس والمال، ومساواتهم (289) لهم حتى فى الزىّ والحال، يمدّونهم بالهدايا والألطاف، ويدلّونهم على عورات الأطراف. وهم يتقون (?) بمسالمة الأيام، ويدّعون أنّ قلعتهم لم تزل من الحوادث فى ذمام، ويغترّون بها ولولا السطوات الشريفة لحق مثلها (?) أن يغترّ، ويسكنون إلى حصانتها كلّما أومض فى ذلك (?) السحب برق ثغرها المفترّ.
وهو حصن صاعد متحدّر، بارز متستّر (?)، لا يطأ إليه السالك إلاّ على المحاجر، ولا تنظره العيون حتى تبلغ القلوب الحناجر، كأنّه فى ضماير الحال حيث يقبل (?) وهو كامن، ويحرق (?) وهو باطن، قد أرخت عليه الجبال الشواهق ذوايبها، ومدّت عليه الغمايم أطنابها ومضاربها، وقد تنافست فيه الرواسى الرواسخ، والشم الشوامخ (?)، وتقاسمته العناصر فهو فى الرفعة (13_) والثبات مجاوزا للفرات، (13) [مشترك بين النار والهواء والماء والأرض. وقد امتدّت الفرات] (14) من شرقها كالسيف فى كفّ طالب ثأر، واكتنفها