وقد أمست ك‍ {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ} (?)، وأصبحت {حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} (?).

وأمّا ما (?) بقى من العدو بالساحل، فقد تركناهم مسلوبين المزايا، مشغولين بالزّزايا، أذلهم عدم النصير، وأصارهم الخوف حتى (?) نصير. وتبدلوا بليل الهم الطويل عن يوم اللهو القصير.

وهذه المدينة لها ذكر فى البلاد، ومنعة كانت قد ضربت دون القصد بالاسداد.

فتحت فى صدر الإسلام، فى زمن الصحابة الكرام، فى ولاية [معوية] (?) ابن أبى سفيان. وتنقلت فى أيدى الملوك من ذلك الزمان. وعظمت فى زمن بنى عمّار، حتى اشتهت ولو بتطليق الأعمار، وبنو (?) بها دار العلم المشهورة.

فلما كان فى آخر الماية الخامسة المذكورة، (258) ظهرت طوايف الفرنج بالشأم، واستولوا على البلاد، وعادوا بها حكام (?). ولم تزل هذه المدينة بأيديهم إلى الآن.

وكانت الخلفاء والملوك فى ذلك الوقت كلّ منهم فى شأن، ما منهم إلا من هو مشغول بنفسه، مرابط على (?) مجلس أنسه، يصطبح فى لهوه ويعتبق، ويجرى فى مضمار لعبه ويستبق. يرى السلامة غنيمة، وإذا عنّ له وصف الحرب يوما لم يسأل منها إلاّ على طرق الهزيمة. قد بلغ أمله من الرتبة، وقنع من ملكه كما يقال: بالسكة والخطبة.

أموال تنهب، وممالك تذهب، ونفوس قد تجاوزت الحد فى إسرافها. وبلاد يأتيها (?) الأعداء، فتنقصها من أطرافها، لا يبالون بما سلبوا. وهم كما قيل فيهم وفى أمثالهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015