والضباب وغيومه. فزلزلنا أقدامهم، وأزلنا إقدامهم. وأذقناهم بأسنا مرّة ومرّة، وعرفناهم أن ما كلّ بيضاء شحمة، ولا كلّ سوداء فحمة، ولا كلّ حمرة ثمرة (?)، ولا كلّ حمراء خمرة. وبرزنا إليهم لشقايهم وسباقهم (?)، وسددنا عليهم أنفاق نفاقهم. وقصدناهم فى وقت جمعت (?) فيه أشتات الشتاء، ولبّت الأندية نداء الانداء، فى طرق خفيّة المدارج، أبيّة المخارج، ملتبسة المسالك، ممتنعة على السالك، صيفها شتاء، وصباحها مساء، شايبة المفارق بالثلوج، مزرّرة (?) الجيوب على أكمام الغيوم [التى ما لملابسها] (?) من فروج.
ولم تزل (?) أقران الزحف فى غدران (257) الزعف، نرميهم بالقوارص، ونأتيهم من البأس (?) بما ترعد من هوله الفرايص. ونقلب لهم ظهر المجنّ، ونطرق أقبيتهم من الحرب بكلّ فنّ. ونقرب الأسواء من الأسوار، ونمزج لهم الأدواء فى الأدوار. ونبعث إليهم السهام برسل المنايا، ونحذّرهم أن يغتروا بما يسمعونه من حنوّ (?) الحنايا. ونجمع لهم من جفوة الجفاتى وزيارات الزيارات. ونريهم من قساوة القسىّ ما شغلهم (?) عن مدارات نوب النوب المدارات. ونسلك بهم من المضايقة كلّ مسلك، ونجلو عليهم صور المنازلة، فنخرجهم من مطلب إلى مهلك (?) إلى أن وهى سلكها، ودنا هلكها، وسفل منها ما علا، ورخص بها ما غلا.
وفتحناها وأبحناها، وخليناها وقد أخليناها مقفرة المغانى، خالية الألفاظ من المعانى، {خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها} (?)، موحشة من أنيسها، آنسة بوحوشها.