-وهو الملك الناصر-أن فتح البلاد من الفرنج، وطهر بيت المقدس منهم، وكان من أمره ما كان. ثم إن صلاح الدين الملك الناصر لقب ولده بالظاهر، طمعا أن يكون ذلك الظاهر، فأبى الله إلا حيث يشاء، فكان بيبرس البندقدارى صاحب ذلك الرمز المذكور. ثم لقب داود بالناصر ويوسف بالناصر، طمعا أن يكونا ذلك الناصر المذكور، فأبى الله إلا أن يكون حيث يشاء، وهو مولانا وسيدنا ومالك رقنا، السلطان الأعظم الملك الناصر، ناصر الدنيا والدين، محمد بن مولانا السلطان الشهيد الملك المنصور سيف الدنيا والدين قلاون الألفى الصالحى. وذلك أن بنى أيوب تحيروا فى قوله: «بعد ثلاث تواتر» ما هن؟. فلما تردد مولانا السلطان-عز نصره-إلى الملك ثلاث مرار، علم أنه صاحب ذلك الرمز المقدم ذكره.
وأما منام أيوب فى حال صباه، وهو يوم ذاك بتكريت، فإنه من غريب ما يسمع، وذلك أنه رأى كأنه قعد للبول، فعادت إراقته تطلع من إحليله كالفوارة، إلى أن تعلقت بالسحاب، ثم انعقدت سحابة وكأنها على بيت المقدس، ثم مطرت تلك السحابة مطرا عاما حتى غسلت القدس، مع سائر تلك الأرض. ثم ظهر فى تلك السحابة قمر مع نجوم كثيرة، حتى أضاءت الأرض كلها من نوره. ثم نبتت تلك الأراضى أنواع الحشائش. وكان فى تلك الأراضى أبقار ترعى، عدتهم دون المائة.
ثم ظهرت من جهة البحر المالح خنازير حتى ملأت تلك الأرض. ثم عادوا يقتلون تلك الأبقار إلا بقرة واحدة، هربت منهم إلى ناحية الشام. ثم ظهرت من جهة مصر أسود كالبخاتى، فقتلوا جميع تلك الخنازير، حتى لم يبق منهم إلا من هرب وقطع البحر. ثم عاد ذلك الحشيش، وحسن نضارته.
هذا ما نقله الملك الكامل-رحمه الله-قال: وكان بتكريت فى ذلك الوقت إنسان يعرف بابن المرزبان يعبّر الرؤيا، موصوف بحذاقته، فقص عليه أيوب تلك الرؤيا،