وفد عليه أشراف العرب وشعراؤهم وخطباؤهم ليشكروه على عطائه وأخذه بثأر قومه، ويهنّونه بما صار إليه من الملك. وقدم عليه وفد قريش منهم عبد المطّلب بن هاشم وأميّة بن عبد شمس وغيرهما، فاستأذنوا عليه وهو فى رأس غمدان، وهو قصر بصنعاء، فأذن لهم، فدخلوا عليه، فإذا هو مضمّخ بالمسك وعليه بردان، والتاج على رأسه، وسيفه بين يديه، وملوك حمير عن يمينه وشماله، فاستأذنه عبد المطّلب فى الكلام، فقال له: إن كنت ممّن يتكلّم بين يدى الملوك فقد أذنّا لك، (10) فقال عبد المطّلب: إن الله أحلّك أيّها الملك محلاّ صعبا باذخا، منيعا شامحا، وأنبتك نباتا طابت أرومته، وعزّت جرثومته، وثبت أصله، وبسق فرعه، بأكرم معدن وأطيب موطن، فأنت-أبيت اللعن-ملك العرب الذى إليه تنقاد، وعمودها الذى عليه الاعتماد، وسائسها الذى بيده القياد، سلفك خير سلف، وأنت لنا منهم نعم خلف، ولن يجهل من هم سلفه (1)، ولم يهلك من أنت خلفه، نحن أيّها الملك أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذى أبهجنا من كشفك للكرب الذى فدحنا. فقال له الملك: من أنت أيها المتكلّم؟ فقال: أنا عبد المطّلب بن هاشم.
قال: ابن أختنا؟ قال: نعم. فأقبل عليه من بين القوم، فقال: مرحبا وأهلا،