وما هو عليه من الخروج عن العدل ولزوم الشر ورداءة السيرة وسوء العشرة مع الرعية؛ ونحن ما نروض أنفسنا لمثل هذه الأمور إذا ظهرت من الملوك، غلا لنردهم إلى فعل الخير ولزوم العدل.
ومتى أغفلنا ذلك وأهملناه لزم وقوع المكروه بنا، وبلوغ المحذورات إلينا؛ غذ كنا في أنفس الجهال أجهل منهم؛ وفي العيون عندهم أقل منهم. وليس الرأي عندي الجلاء عن الوطن. ولا يسعنا في حكمتنا إبقاؤه على ما هو عليه من سوء السيرة وقبح الطريقة. ولا يمكننا مجاهدته بغير ألسنتنا. ولو ذهبنا إلى أن نستعين بغيرنا لم تتهيأ لنا معاندته. وإن أحس منا بمحالفته وإنكارنا سوء سيرته كان في ذلك بوارنا. وقد تعلمون أن مجاورة السبع والكلب والحية والثور على طيب الوطن ونضارة العيش لغدرٍ بالنفس. وإن الفيلسوف لحقيقٌ أن تكون همته مصروفة إلى ما يحصن به نفسه من نوازل المكروه ولواحق المحذور؛ ويدفع المخوف لاستجلاب المحبوب. ولقد كنت أسمع أن فيلسوفاً كتب لتلميذه يقول: إن مجاور رجال السوء ومصاحبهم