يصلح للسياسة ولا ترضى الخاصة والعامة أن يملكوا عليهم رجلاً ليس هو منهم ولا من أهل بيوتهم. فإنه لا يزال يستذلهم ويستقلهم. واجتمعوا يملكون عليهم رجلاً من أولاد ملوكهم؛ فملكوا عليهم ملكاً يقال له دبشليم؛ وخلعوا الرجل الذي كان خلفه عليهم الإسكندر. فلما استوسق له الأمر، واستقر له الملك. وكان مع ذلك مؤيداً مظفراً منصوراً. فهابته الرعية. فلما رأى ما هو عليه من الملك والسطوة، عبث بالرعية واستصغر أمرهم وأساء السيرة فيهم. وكان لا ترتقي حاله إلا ازداد عتواً. فمكث على ذلك برهة من دهره. وكان في زمانه رحل فيلسوف من البراهمة، فاضلٌ حكيمٌ، يعرف بفضله، ويرجع في الأمور إلى قوله، يقال له بيدبا. فلما رأى الملك وما هو عليه من الظلم للرعية، فكر في وجه الحيلة في صرفه عما هو عليه، ورده إلى العدل والإنصاف؛ فجمع لذلك تلاميذه، وقال: أتعلمون ما أريد أن أشاوركم فيه؟ اعلموا إني أطلت الفكرة في دبشليم