وتحولت إلى رزق غيرك فانتقصته، ودخلت عليه فيه؛ علمت أن الشجر العام أثمرت كما كانت تثمر قبل اليوم، وإنما أتت قلة الثمر من جهتك. فويل للشجر وويل للثمار وويل لمن عيشه منها! ما أسرع هلاكهم إذا دخل عليهم في أرزاقهم، وغلبهم عليها من ليس له فيها حظ ولم يكن معتاداً لأكلها! فلما سمعت اللبؤة ذلك من كلام الورشان تركت أكل الثمار وأقبلت على أكل الحشيش والعبادة. وإنما ضربت لك هذا المثل لتعلم أن الجاهل ربما انصرف بضرٍ يصيبه عن ضرِّ الناس، كاللبؤة التي انصرفت لما لقيت في شبليها عن أكل اللحم ثم عن أكل الثمار بقول الورشان، وأقبلت على النّسك والعبادة. والناس أحق بحسن النظر في ذلك: فإنه قد قيل: ما لا ترضاه لنفسك لا تصنعه لغيرك: فإن في ذلك العدل: وفي العدل رضا الله تعالى ورضا الناس.