وإذا كانت هذه الأمة إنما بعثت للتجارة فقد كان فى يهود يثرب وفى أنباط الشام وفى أقباط مصر وتجار السند كفاية، فقد أحكموا فن التجارة وانتشروا فى العالم، وإذا كانوا قد بعثوا ليشتغلوا بالتجارة حقاً، فلماذا لم يبعثوا على طريق القوافل التجارية وبالقرب من أسواق التجارة الكبرى؟
وإذا كانت هذه الأمة إنما بعثت للصناعة وأعمال اليد فقد كان فى قيون البلاد المتمدنة وأصحاب الصنائع والحرف - وإنهم لكثير - غنى وكفاية .. !!
وإذا كانت هذه الأمة بعثت لتنضم إلى الحكومات الرومية والإيرانية وتشغل أفرادها وظائف هذه الحكومات ومناصبها، فقد كان فى أهل الشام وفارس غنى وكفاية فى الإدارة ويزاحمون الأجانب بالمناكب ويدفعونهم بالراح.
وإذا كانت هذه الأمة إنما بعثت لعيش هنيئ، ومطعم شهى، ومشرب مرئ، وملبس رضى ومسكن بهي لا لشئ آخر، وإنما مناها وهمها أن تلقى لبوساً ومطعماً لم تكن بدعاً من الأمم، وكانت منافسة لنا فحق لنا أن نقاتلها ونذودها عن مناهلنا وقد ضاقت بنا مواردنا فكيف تسع أمة جديدة؟