فلما فرق اللحم دعاني فقال: ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها، أم نسيت فأعذرك؟ قلت: ما نسيت وصيتك ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها، فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم إليه فتركته فقال: ما تركته إلا لحاجتي إليه؟ قلت: ما تركته إلا لذلك قال: أفلا أخبرك بيوم حاجتي؟ إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي. إن في المال ثلاثة شركاء: القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها، والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم، وأنت الثالث فإن استطعت أن لا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن مع أن الله يقول: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ} (?)
وإن هذا المال مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي. (?).
وفى القادسية أرسل سعد بن أبى وقاص ربعى بن عامر - رضي الله عنهم - إلى رستم قائد الفرس فزينوا له المجلس وبسطوا البسط والنمارق ولم يتركوا شيئاً ووضع لرستم سرير الذهب وألبس زينته فى الأنماط والوسائد المنسوجة بالذهب وأقبل ربعى على فرس قصيرة، ومعه سيف له، وغمده لفافة ثوب خلق، ومعه قوسه ونبله، فلما غشى الملك وانتهى إليه وإلى أدنى البسط قيل له: انزل فحملها على البساط فلما استوت عليه نزل عنها وربطها