وينهون عن المنكر ولكن لا يوجد بينهم من يستطيع أن يحمل فى سبيل الدعوة ضراً أو يلاقى فى طريقها شراً.
رأيت الدعاة فى هذه الأمة أربعة:
رجلاً يعرف الحق ويكتمه عجزاً وجبناً فهو ساكت طول حياته لا ينطق بخير ولا شر.
رجلاً يعرف الحق وينطق به ولكنه يجهل طريق الحكمة والسياسة فى دعوته فيهجم على النفوس بما يزعجها وينغصها وكان خيراً له لو صنع ما يصنعه الطبيب الماهر الذى يضع الدواء المر فى برشامه ليسهل تناوله وازدراده.
ورجلاً لا يعرف حقاً ولا باطلاً فهو يخبط فى دعوته خبط الناقة العشواء فى بيدائها فيدعو إلى الخير والشر والحق والباطل والضار والنافع فى موقف واحد .. فكأنه جواد امرئ القيس الذى يقول فيه .. مكرٍ .. مفرٍ .. مقبلٍ .. مدبرٍ معاً.
ورجلاً يعرف الحق ويدعو الأمة إلى الباطل دعوة المجد المجتهد وهو أخبث الأربعة وأكثرهم غائلة لأنه صاحب هوى يرى أنه لا يبلغ غايته منه إلا إذا أهلك الأمة فى سبيله فهو عدوها فى ثياب صديقها لأنه يوردها موارد التلف والهلاك بإسم الهداية والإرشاد فليت شعرى من أى واحد من هؤلاء الأربعة تستعيد الأمة رشدها وهداها.