بينه وبينها حتى إذا أتت عليه انكشف له الغطاء فرأى النار نوراً والألم لذة وسرورا.
لا يستطيع الباطل أن يصرع الحق فى ميدان .. لأن الحق وجود والباطل عدم .. إنما يصرعه جهل العلماء بقوته وبأسهم فى غلبته وإغفالهم النداء به والدعاء إليه.
محال أن يهدم بناء الباطل فرد واحد فى عصر واحد وإنما يهدمه أفراد متعددون فى عصور متعددة فيهزه الأول هزاً تباعد ما بين أحجاره ثم ينقض الثانى منه حجراً والثالث آخر وهكذا حتى لا يبقى منه حجر على حجر.
الجهلاء مرضى والعلماء أطباء ولا يجمل بالطبيب أن يحجم عن العمل الجراحى فراراً من إزعاج المريض أو خوفاً من صياحه وعويله أو اتقاءاً لسبه وشتمه فإنه سيكون غداً أصدق أصدقائه وأحب الناس إليه.
وبعد فقليل أن يكون الداعى فى الأمة الجاهلة حبيباً لها إلا إذا كان خائناً فى دعوته سالكاً سبيل الرياء والمداهنة فى دعوته وقليل أن ينال حظه من إكرامها وإجلالها إلا بعد أن تتجرع مرارة الدواء ثم تشعر بحلاوة الشفاء.
الدعاة فى هذه الأمة كثيرون ملء الفضاء وكظت بهم الأرض والسماء ولكن لا يكاد يوجد بينهم داع واحد لأنه لا يوجد بينهم شجاع واحد.
أصحاب الصحف وكتاب الرسائل والمؤلفون وخطباء المجامع وخطباء المنابر كلهم يدعون إلى الحق وكلهم يعظون وينصحون ويأمرون بالمعروف