. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= ذو سُلطانٍ، وأقلُّ ما يشترَطُ فيه صفاتُ الشاهدِ، لأنه لابدَّ أن يَحْكُمَ بعَدْلٍ، ولا يجوزُ الاستفتاءُ إلا ممن يُفْتِي بعِلْمٍ وعَدْلٍ، وشروطُ القضاءِ تُعْتَبَرُ حسبَ الإمكانِ، ويجبُ توليةُ الأمثلِ فالأمثلِ، وعلى هذا يدلُّ كلامُ أحمد وغيرِه فيولَّى لعَدَمٍ أنفعُ الفاسقَيْنَ وأقلُّهما شراً، وأعدلُ المُقلِّدين وأعرفُهما بالتقليدِ. وإن كان أحدُهما أعلمَ والآخرُ أورعَ قُدِّمَ فيما قد يَظْهَرُ حُكْمُه ويخاف النهي فيه الأورعُ وفيما يَندْرُ حكمُه ويُخاف فيه الاشتباهُ الأَعْلمُ -إلى أن قال-: والوَكالةُ يصح قبولُها على الفورِ والتَّراخي بالقولِ والفعلِ، والوِلايةُ نوعٌ منها وتَثبتُ ولايةُ القضاءِ بالأخبارِ، وقصةُ ولايةِ عمرَ بنِ عبد العزيزِ هكذا كانَتْ، وولايةُ القاضي يجوزُ تَبْعيضُها، ولا يجبُ أن يكونَ عالماً بما في ولايتِه، فإن منصبَ الاجتهادِ ينقسمُ، حتى لو ولاَّهُ في المَواريثِ لم يجبْ أن يعرفَ إلا الفرائضَ والوَصَايا وما يتعلَّق بذلك، وإن ولاَّه عَقْدَ الأَنكحةِ وفَسْخَها لم يجبْ أن يعرفَ إلا ذلك، وعلى هذا فقُضاةُ الأطرافِ يجوزُ أن لا يقضيَ في الأمورِ الكِبَارِ والدِّمَاءِ والقضايا المُشْكِلَةِ، وعلى هذا فلو قال: اِقْضِ فيما تَعْلَمُ كما يقول: إفْتِ فيما تَعْلَمُ جازَ، ويبقَى ما لا يَعْلَمُ خارجاً عن وِلايتِه كما يقولُ في الحاكِمِ الذي يَنْزِلُ على حُكمهِ الكفَّارُ، وفي الحاكمِ في جزاءِ الصَّيْدِ انتهى مُلخَّصاً.
قال في الاختيارات: ومن فَعَلَ ما يمكنُه لم يلزَمْه ما يعجزُ عنه، وما يستفيدُه المُتولِّي بالولايةِ لا حدَّ له شَرْعاً بل يُتَلَقَّى من اللفظِ والأحوالِ والعُرْفِ، وأجمع العلماءُ على تحريمِ الحُكْمِ والفُتْيا بالهَوَى، وبقولٍ أو وجهٍ من غيرِ نظرٍ في الترجيحِ، ويجبُ العملُ بموجِبِ اعتقادِه فيما له وعليه إجماع، وليس للحاكمِ وغيرِه أن يبتدئ الناس بقَهْرِهِم على تَرْكِ ما يسوغُ وإلزامِهِمْ برأيهِ اتِّفاقاً، ولو جاز هذا فجاز لغيرِه مثلُه وأَفْضَى إلى التفرُّقِ والاختلافِ، وفي لُزومِ التَّمذْهبِ بمذهبٍ وامتناعِ الانتقالِ =