وهو فَرْضُ كفايةٍ، يلزمُ الإمامُ أن يُنصِّبَ في كلِّ إقليمٍ قاضياً، ويختارُ أفضلَ من يَجِدُهُ عِلْماً ووَرَعاً، ويأمرُه بتقوى الله، وأن يتحرَّى العَدْلَ، ويجتهدَ في إقامتِه، فيقول ولَّيْتُكَ الحُكْمَ، أو قلَّدتُكَ، ويكاتبُه في البُعْدِ.
وتُفيدُ ولايةُ الحكمِ العامَّةِ الفَصْلَ بين الخُصومِ، وأَخْذَ الحَقِّ لبعضِهم من بعضٍ، والنَّظَرَ في أموالِ غير المُرشِدينَ، والحَجْرَ على من يستوجبُهِ لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ، والنَّظَر في وقوفِ عَمَلِه ليعملَ بشروطِها، وتنفيذَ الوصايا، وتزويجَ من لا وليَّ لها، وإقامةَ الحُدودِ، وإمامةَ الجُمعةِ والعِيدِ، والنَّظَرَ في مصالحِ عَمَلِه بكفِّ الأَذَى عن الطُّرقاتِ وأَفْنيتِها ونحوه، ويجوزُ أن يولَّى عموم النظر في عموم العمل، وأن يُولَّى خاصاً فيهما أو في أحدهما.
ويُشْتَرَطُ في القاضي عشرُ صفاتٍ: كونُه بالغاً، عاقلاً ذكراً، حُرّاً، مسلماً، عَدْلاً، سميعاً، بصيراً، متكلِّماً، مُجتهِداً ولو في مذهبه.
وإذا حكَّمَ اثنانِ بينهما رَجْلاً يصلحُ للقضاءِ نَفَذَ حكمُه في المالِ والحُدودِ واللِّعانِ وغيرِها (*).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) قال في الاختيارات: والواجبُ اتخاذُ وِلايةِ القضاءِ دِيناً وقُرْبَةً، فإنها من أفضل القُرُباتِ، وإنما فَسَدَ حالُ الأكثرِ لِطَلَبِ الرياسةِ والمالِ بها، ومن فَعَلَ ما يمكنُه لم يَلْزَمْه ما يَعجزُ عنه، والوِلايةُ لها رُكنانِ: القُوَّةُ والأمانةُ، فالقوةُ في الحُكْمِ تَرْجِعُ إلى العِلْمِ بالعَدْلِ وتنفيذِ الحُكْمِ، والأمانةُ تَرْجِعُ إلى خَشْيةِ الله تعالى.
ويشترطُ في القاضِي أن يكونَ وَرِعاً، والحاكم فيه صفاتٌ ثلاثٌ، فمن جِهةِ الإِثباتِ هو شاهدٌ، ومن جهةِ الأمْرِ والنَّهيِ هو مُفْتٍ، ومن جِهَةِ الإلزامِ بذلك هو =